تنسيق حوثي إخواني يقتل أبناء تعز.. استقطاب ثم اعتقال ثم قصف
في الوقت الذي يضيق فيه الخناق على المليشيات الحوثية وشقيقتها الإخوانية، فإنّ هذين الفصيلين الإرهابيين كثّفا من التقارب فيما بينهما على النحو الذي يستهدف التحالف العربي في المقام الأول.
ففي محافظة تعز،كشفت مصادر محلية عن تنسيق متكامل بين مليشيا حزب الإصلاح والمليشيات الحوثية، حيث تعمل المليشيات الإخوانية على تجميع أبناء تعز وتختطفهم وتخفيهم داخل السجون، ثم تقوم المليشيات الحوثية بقصفهم وقتلهم في وقتٍ لاحق.
وأضافت المصادر أنّ مليشيا الحوثي قصفت بقذيفة سجن إدارة الأمن مما تسبب في مقتل وجرح عدد من المخطوفين داخل السجن، كاشفةً عن سماع صرخات واستغاثات وسيارات الإسعاف وهي تهرع إلى داخل مقر إدارة الأمن بعد الضربة والتي تأكدت منها المصادر أنها وقعت فوق سجن إدارة الأمن الذي يحتوي على مختطفين ومخفيين من المدنيين الذين اختطفتهم مليشيا حزب الإصلاح من المنازل والشوارع بمدينة تعز.
وشهدت الفترة الماضية، لا سيّما التي أعقبت توقيع اتفاق الرياض في الخامس من نوفمبر الماضي، توسُّعًا في العلاقات الحوثية الإخوانية، وهي مؤامرة من "الإصلاح" شكّلت طعنة شديدة الغدر من قِبل الحزب المخترق لحكومة الشرعية ضد التحالف العربي.
اتفاق الرياض كان يهدف إلى ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية بعدما شوّه مسارها حزب الإصلاح على مدار السنوات الماضية، وضمن المحاولات الإخوانية لإفشال هذا المسار أقدمت هذه المليشيات على تكثيف علاقاتها مع الحوثيين.
وفي تمادٍ جديدٍ للعلاقات بينهما، أقدم حزب الإصلاح على تسليم مواقع مهمة للمليشيات الحوثية على حدود المملكة العربية السعودية، مقابل صفقة يتسلم بموجبها أشخاصًا من أتباعه كانوا موقوفين ويحاكمون بتهمة تفجير مسجد "النهدين" في دار الرئاسة بصنعاء الذي وقع عام 2011.
هذه الجريمة الإخوانية غير جديدة بأي حالٍ من الأحوال، فعلى مدار سنوات الحرب قامت المليشيات الإخوانية في كثيرٍ من الأحيان بتسليم مواقع مهمة للمليشيات الحوثية وتجميد جبهات أخرى، وهو ما كبَّد التحالف العربي تأخُّر حسم الحرب عسكريًّا.
تمثل هذه الواقعة خيانةً أخرى واضحة من الإصلاح وموجهة لقوات التحالف العربي، بعد تلك التي أقدم عليها في شهر أكتوبر الماضي، ومكنت المليشيات الحوثية من استعادة مساحة كبيرة من جبهة الملاحيظ، بمديرية الظاهر، جنوب غربي محافظة صعدة.
يتزامن ذلك مع انقضاء المدة الزمنية لاتفاق الرياض الذي هدفت بنوده بشكل مباشر إلى ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية بعدما حرّفها حزب الإصلاح طوال السنوات الماضية.
إقدام حزب الإصلاح المخترق لحكومة الشرعية على عرقلة تنفيذ بنود اتفاق الرياض يمكن القول إنّه أمرٌ يخدم المليشيات الحوثية في المقام الأول، وهو أمرٌ لا يمكن يقبل به التحالف العربي.
وضاعف حزب الإصلاح من مخططه ضد التحالف بتسليمه للحوثيين مواقع محاذية للحدود السعودية، في خطوة يمكن القول إنّها تهدف إلى ابتزاز التحالف بقيادة المملكة، ضمن لعبة توازنات ينفذ فيه حزب الإصلاح الإخواني أجندة قطرية - تركية.
وفي سياقٍ غير بعيد، تحرص الأبواق الإعلامية الإخوانية في كثيرٍ من الأحيان على كيل المدح للمليشيات الحوثية، وآخرها هذه الممارسات ما أقدم عليه القيادي الإخواني محمد الحزمي الذي ظهر عبر قناة فضائية تبث من المملكة العربية السعودية، تغزل في الحوثيين، ليضيف مزيدًا من التأكيدات على العلاقات سيئة السمعة التي تجمع بين هذين الفصيلين.
الإخواني الحزمي قال إنّ خلاف حزبه مع الحوثيين سياسيًّا فقط، وصرَّح: "خلافنا مع الحوثيين كان سياسيًّا قبل ٢٠١١ وأثناء الانتخابات دخل الشياطين ووسعوا بيننا الخلاف وأيضًا وسائل الإعلام الاجتماعية لها تأثير وفتنة بشق الصف بيننا".
ومواصلًا لحن المغازلة في الحوثيين، أضاف القيادي الإخواني: "نتمنى أن نقف أنا ومحمد البخيتي ونقول تعال يا حوثي تعال نتصالح نحن وأنت ولكن متى ما شعر أن يعيد الدولة فليس عندنا حرب بينهم غبراء .. مرجعية الألم وحدتنا، مرجعية التشرد وحدتنا، مرجعية القتل الذي حدث لنا وحدتنا".
هذا الحديث المباشر من القيادي الإخواني ينضم إلى سلسلة طويلة من سبل التقارب بين الحوثيين والإخوان، التي كثرت في الفترة الماضية، لا سيّما بعد التوقيع على اتفاق الرياض في الخامس من نوفمبر الماضي، بين المجلس الانتقالي وحكومة الشرعية.
وفي الأسابيع الماضية، رفعت المليشيات الإخوانية من وتيرة تنسيقها مع المليشيات الحوثية على الجبهات، وأحدث سبل هذا التنسيق تجلّى في سحب المليشيات الحوثية معظم مقاتليها من جبهات تعز، وعزّزت بهم مواقعها في نهم شرفي صنعاء.
وبموجب الاتفاق بين المليشيات الحوثية وحزب الإصلاح الموقع في صنعاء العام الماضي، قامت مليشيا الحوثي بسحب أغلب مقاتليها من الجبهة الشرقية والشمالية لتعز وعززت بهم مواقعها في جبهة نهم بمحافظة صنعاء.
ومن بنود ذلك الاتفاق، تحويل المعركة نحو الحجرية ضد كتائب أبي العباس واللواء 35 مدرع وعدم مهاجمة الطرفين الحوثي والإصلاح لبعضهم البعض.
التنسيق الحوثي - الإخواني ظهر أيضًا في دور قطري، حيث تعمل الدوحة على تنفيذ مخططها الساعي إلى حماية وتقوية النفوذ الإخواني، ممثلًا في حزب الإصلاح، وذلك عبر سلسلة من التفاهمات تقودها مع المليشيات الحوثية، لتقوية التعاون والتنسيق فيما بينهم.