توابع نهب المساعدات.. إرهاب حوثي يفاقم المأساة الإنسانية
بعدما توسّعت المليشيات الحوثية في ارتكاب جرائم عديدة تتمثّل في نهب المساعدات الإغاثية، تحوّلت التهديدات الأمريكية بوقف توزيع المساعدات إلى خطوة فعلية اقترب اتخاذها، في ظل تفاقم المأساة الإنسانية بسبب مثل هذه الجرائم الحوثية البشعة.
تحت عنوان واشنطن تعتزم وقف المعونات في مناطق سيطرة الحوثيين، سلطت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية الضوء في تقرير بعددها الصادر اليوم الخميس،
الإدارة الأمريكية تعتزم تعليق مساعداتها بسبب ممارسات مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًّا، بحسب صحيفة الشرق الأوسط التي أشارت إلى شكاوى وكالات إغاثة من انتهاكات المليشيات الإرهابية، وعرقلتها الجهود الرامية إلى توصيل المساعدات الغذائية وغيرها للمحتاجين، إلى حد لم يعد بالإمكان قبوله وإنه قد يجري تقليص العمليات.
ولفتت الصحيفة إلى بيان الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي عبرت فيه عن قلقها إزاء موقف المليشيات الإجرامية الذي فاقم من أثر الأزمة بالتدخل في عمليات المساعدات.
وقالت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إنها تشعر بقلق بالغ إزاء موقف المليشيات الحوثية الذي فاقم من أثر الأزمة بالتدخل في عمليات المساعدات.
وصرّحت بوجا جونجونوالا القائمة بأعمال المتحدث باسم الوكالة: "نعمل بدأب على إيجاد أسلوب يتيح استمرار تقديم المعونة الأمريكية بلا توقف، لكن نتخذ خطوات للتخطيط للقادم مع شركائنا بحيث يمكنهم تعديل برامجهم بشكل آمن ومسؤول في حال اضطررنا لخفض المعونة".
وكان مسؤولٌ كبيرٌ في وزارة الخارجية الأمريكية قال إنّ الجهات المانحة وجماعات المعونة تعتزم وقف المساعدات الإنسانية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية اليمن خلال الأشهر المقبلة إذا لم يتوقفوا عن عرقلة وصول المساعدات.
وصرّح المسؤول لوكالة "رويترز"، دون الكشف عن هويته: "ترسم كل جهة مانحة ومنفذة خططا لكيفية التصرف إذا لم يغير الحوثيون سلوكهم على الأرض، ومن بين الخطط تعليق الكثير من برامج المساعدات باستثناء البرامج اللازمة فعلا لإنقاذ الحياة كبرامج إطعام الأطفال المرضي وما شابه".
وأضاف: "الجميع يدرس إطارًا زمنيًّا مدته شهر أو شهران، تلك هي النقطة التي ستبدأ عندها جهات التنفيذ المختلفة تعليق بعض البرامج".
وأشار المسؤول الأمريكي إلى أنه لم يعد من الممكن التغاضي عن هذه الانتهاكات.
وعلى مدار السنوات الماضية، ارتكبت المليشيات الحوثية الكثير من الجرائم والانتهاكات التي أعاقت توزيع المساعدات الدولية وهو ما أدّى إلى إقدام العديد من الأطراف إلى التحذير بتعليق هذه المساعدات التي لم تسلم من النهب والسطو الحوثي.
النهب الحوثي للمساعدات الإغاثية هي جريمة شديدة البشاعة يدفع ثمنها المدنيون الذين يقطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الموالية لإيران.
وأسفرت كل هذه الجرائم الحوثية عن إتساع حدة الفقر بسبب الحرب الحوثية المستعرة من قِبل المليشيات على مدار السنوات الخمس الماضية.
ولوحظ في الفترة الماضية، انتشار مكثف للمتسولين في معظم أنحاء محافظة صنعاء، وهو ينتشرون في معظم الأحياء، يجوبون الشوارع وتقاطعات الطرق والأسواق، يفترشون الأرصفة وأبواب المساجد والمحال التجارية والمنازل، أملًا في الحصول على مساعدات مالية أو عينية.
وما تشهده صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين من زيادة المتسولين أصبح أمرًا غير مسبوق، حتى أصبح التسول من أكثر الظواهر الاجتماعية انتشارًا، بسبب تفشي الجوع وفقد الوظيفة وموت العائل.
ولا تقتصر ظاهرة التسول على شريحة كبار السن الذين يمكن أن يتعاطف الناس معهم، فالأطفال والنساء انضموا أيضًا إلى طابور كبير من المتسولين الذين تمتلئ بهم شوارع المدن.
وكشفت دراسة كانت قد أجريت في 2013، شملت ثماني محافظات، العدد الكلي للمتسولين في صنعاء بنحو 30 ألف طفل وطفلة جميعهم دون سن الـ18، إلا أنّ دراسات أخرى صدرت في 2017 بيّنت أنَّ عدد المتسولين ارتفع بشكل مخيف ليصل إلى أكثر من 1,5 مليون متسول ومتسولة.
وتشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تفشيًّا مخيفًا لكارثة المجاعة منذ خمس سنوات على الأقل، مع تزايد أعداد الأسر الفقيرة وفقدان آلاف الأسر لمصادر عيشها.
وهناك ملايين السكان الذين هو بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة، في وقت ظهرت فيه مؤشرات المجاعة في أكثر من محافظة، جرّاء الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي منذ صيف 2014.
وفي وقتٍ سابق، أعلن البنك الدولي أنّ الحرب الحوثية تسبّبت في وقوع أكثر من 21 مليون نسمة من أصل 26 تحت خط الفقر، أي 80% من تعداد سكان البلد المضطرب، في حين قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنّ قرابة 24 مليون شخص بحاجة للمساعدات الإنسانية.
كما كشف تقرير حديث لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "OCHA" أنّ ما يقرب من 50% من الأسر في اليمن بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.
وقال المكتب في بيان له، إنّ أزمة اليمن لا تزال أسوأ أزمة إنسانية في العالم في عام 2020 ، حيث أن ما يقرب من 50 ٪ من جميع الأسر في حاجة ماسة للمساعدات، وأضاف: "شكرًا للمانحين وجميع الشركاء الذين يعملون بلا كلل لتخفيف معاناتهم".
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في نهاية العام المنصرم، أنّ نسبة الفقر في اليمن وصلت 75% مقارنة بـ4% قبل بدء الحرب في العام 2014.
وقال بيان صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إنّه إذا استمر القتال حتى عام 2022، فستُصنف اليمن كأفقر بلد في العالم"
وأضاف في حالة عدم نشوب الصراع، فإنه كان بالإمكان أن يحرز اليمن تقدما نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي تُعد الإطار العالمي لمكافحة الفقر الذي تم الاتفاق عليه في عام 2015 مع التاريخ المستهدف لعام 2030 ولكن أكثر من أربع سنوات من القتال أعاقت التنمية البشرية لمدة 21 عامًا.
في الوقت نفسه، غرست المليشيات الموالية لإيران بذور بيئة خصبة لتفشي الأوبئة والأمراض القاتلة، كما عملت على استهداف المستشفيات وعرقلة عملها سواء بتعريض حياة كوادرها للخطر أو قصفها لإخراجها عن العمل، فضلًا عن سرقة الأدوية المخصصة لعلاج المرضى.
أدّى كل ذلك إلى أزمة صحية متفاقمة في بيئة مجتمعية فقيرة، لا تملك مواجهة هذا الخطر المروِّع، وذلك يندرج في إطار خطة حوثية كاملة تستهدف نشر الفوضى على كافة الأصعدة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.