القهر الحوثي الفتاك.. المليشيات تلزم السكان بتمويل الجبهات
لم تكتفِ المليشيات الحوثية بأن تسبّبت في صناعة أزمة إنسانية هي الأكثر بشاعة وفداحة على مستوى العالم، لكنّها قادت الأمر إلى حدٍ لا يتقبله عقل أو منطق.
المليشيات الحوثية أقدمت في الساعات الماضية، على إجبار المواطنين في محافظة الحديدة على تمويل قافلة أغذية ومساعدات عينية ومالية لدعم جبهة نهم المتاخمة لجبهات الحرب في الجوف.
مصادر محلية قالت إنّ المليشيات وجّهت قافلةً تضم عددًا من السيارات والمركبات من مديرية باجل تحت شعار "دعم المجاهدين في نهم"، وقد اشتملت
على أغذية مختلفة وأكثر من 200 رأس من الأغنام وثلاثة ثيران وأكثر من ثلاثين مليون ريال نقدًا.
وقام مدير مديرية باجل عبد اللطيف المؤيد، ومعه مدير إدارة المرور محمد مهدي صلاح، بالإشراف على وضع الحواجز الاسمنتية في الأماكن التي تعيق انسيابية حركة المرور والمركبات بجولة شارع صنعاء-الكدن، كما تمّ جمع بعض الحواجز الإسمنتية الخرسانية إلى جبهة الساحل لعمل متاريس وحواجز.
إقدام الحوثيين على إجبار المدنيين لتمويل القافلة يندرج في إطار تعمّد المليشيات تضخيم الأزمة الإنسانية على نحوٍ يقضي على أي سبل للحياة الآدمية.
وأسفرت الجرائم الحوثية المتواصلة منذ اندلاع الحرب في صيف 2014، عن مآسٍ إنسانية، لا سيّما فيما يتعلق بنهب المساعدات الإغاثية وعرقلة توزيعها على صعيد واسع، وسط إتساع كبير في حدة الفقر في مختلف المناطق.
ولوحظ في الفترة الماضية، انتشار مكثف للمتسولين في معظم أنحاء محافظة صنعاء، وهو ينتشرون في معظم الأحياء، يجوبون الشوارع وتقاطعات الطرق والأسواق، يفترشون الأرصفة وأبواب المساجد والمحال التجارية والمنازل، أملًا في الحصول على مساعدات مالية أو عينية.
وما تشهده صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين من زيادة المتسولين أصبح أمرًا غير مسبوق، حتى أصبح التسول من أكثر الظواهر الاجتماعية انتشارًا، بسبب تفشي الجوع وفقد الوظيفة وموت العائل.
ولا تقتصر ظاهرة التسول على شريحة كبار السن الذين يمكن أن يتعاطف الناس معهم، فالأطفال والنساء انضموا أيضًا إلى طابور كبير من المتسولين الذين تمتلئ بهم شوارع المدن.
وكشفت دراسة كانت قد أجريت في 2013، شملت ثماني محافظات، العدد الكلي للمتسولين في صنعاء بنحو 30 ألف طفل وطفلة جميعهم دون سن الـ18، إلا أنّ دراسات أخرى صدرت في 2017 بيّنت أنَّ عدد المتسولين ارتفع بشكل مخيف ليصل إلى أكثر من 1,5 مليون متسول ومتسولة.
وتشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تفشيًّا مخيفًا لكارثة المجاعة منذ خمس سنوات على الأقل، مع تزايد أعداد الأسر الفقيرة وفقدان آلاف الأسر لمصادر عيشها.
وهناك ملايين السكان الذين هو بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة، في وقت ظهرت فيه مؤشرات المجاعة في أكثر من محافظة، جرّاء الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي منذ صيف 2014.
وفي وقتٍ سابق، أعلن البنك الدولي أنّ الحرب الحوثية تسبّبت في وقوع أكثر من 21 مليون نسمة من أصل 26 تحت خط الفقر، أي 80% من تعداد سكان البلد المضطرب، في حين قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنّ قرابة 24 مليون شخص بحاجة للمساعدات الإنسانية.
كما كشف تقرير حديث لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "OCHA" أنّ ما يقرب من 50% من الأسر في اليمن بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.
وقال المكتب في بيان له، إنّ أزمة اليمن لا تزال أسوأ أزمة إنسانية في العالم في عام 2020 ، حيث أن ما يقرب من 50 ٪ من جميع الأسر في حاجة ماسة للمساعدات، وأضاف: "شكرًا للمانحين وجميع الشركاء الذين يعملون بلا كلل لتخفيف معاناتهم".
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في نهاية العام المنصرم، أنّ نسبة الفقر في اليمن وصلت 75% مقارنة بـ4% قبل بدء الحرب في العام 2014.
وقال بيان صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إنّه إذا استمر القتال حتى عام 2022، فستُصنف اليمن كأفقر بلد في العالم"
وأضاف في حالة عدم نشوب الصراع، فإنه كان بالإمكان أن يحرز اليمن تقدما نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي تُعد الإطار العالمي لمكافحة الفقر الذي تم الاتفاق عليه في عام 2015 مع التاريخ المستهدف لعام 2030 ولكن أكثر من أربع سنوات من القتال أعاقت التنمية البشرية لمدة 21 عامًا.