الإصلاح والحوثي يستنجدان بمخطط إضاعة الوقت هربًا من السلام

الجمعة 28 فبراير 2020 20:00:00
الإصلاح والحوثي يستنجدان بمخطط إضاعة الوقت هربًا من السلام

رأي المشهد العربي

شهدت العاصمة الأردنية عمان مشاورات موسعة مع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة اليمنيين لتوليد التفكير والزخم اللازم لعملية سياسية قابلة للتطبيق، وهو أمر إيجابي في رحلة البحث عن السلام المفقود منذ سنوات، غير أن ممارسات مليشيات إخوان الشرعية والحوثي على الأرض تبرهن على أنهما يستغلان مثل هذه المشاورات لإضاعة مزيد من الوقت هربا من حل الأزمة عبر الطرق السلمية.

لم يفوت أي من الطرفين أي اجتماعات أو مشاورات إلا ومكثا فيها يطرحان رؤى سياسية عدة، قد يكون بعضها قابلا للتنفيذ على أرض الواقع، غير أن ما يتحدثان به في الاجتماعات يكون مغايرا تماما لطبيعة الأوضاع العسكرية والأمنية على الأرض، وهو ما جعل عشرات بل مئات الاجتماعات تذهب من دون فائدة في ظل الإصرار على إطالة أمد الصراع.

يمكن القول إن الطرفين استنجدا بمخططات إضاعة الوقت وهو فن تجيده عموم المليشيات التي يكون هدفها إطالة أمد الحروب لفترات طويلة في ظل إدراكها أنه لا وجود لرغبة دولية صادقة لإنهاء الأزمة، ما يجعل كثيرا من المشاورات التي جرت على مدار السنوات الماضية ما هي إلا مسلسل تشارك فيه الأطراف الدولية مع أخرى محلية للإيحاء بأن هناك تحركات ماضية نحو السلام.

إذا أراد المجتمع الدولي أن يصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية فإن هناك اتفاقين جرى توقيعهما من الممكن أن يكون تنفيذهما على الأرض حلا مناسبا للسلام برضاء جميع الأطراف، أولهما؛ اتفاق السويد الموقع قبل عام وثلاثة أشهر تقريبا بين الشرعية والمليشيات الحوثية، فهو يكرس لإنهاء الخطر الحوثي في منطقة البحر الأحمر عبر سيطرتها على محافظة الحديدة.

بجانب اتفاق الرياض الذي وقعته الشرعية أيضا مع المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة السعودية الرياض قبل ثلاثة أشهر تقريبا، ومازالت تتهرب من بنوده وترفض تطبيقه على الأرض، في وقت تقوم به بحملات عسكرية وجرائم بحق المدنيين في محافظتي أبين وشبوة، مع استمرار مساعيها المستديمة لإعادة العناصر الإرهابية إلى العاصمة عدن من جديد.

إذا كان هناك رغبة دولية حثيثة للوصول إلى سلام فإن هذين الاتفاقين يمثلان بوابة العبور إلى مستقبل أكثر استقرارا وأمنا، لكن دوران المبعوث الأممي مارتن غريفيث في الفراغ لن يكون له مردود إيجابي على الأرض، وأن الحل يمكن في تزايد وتيرة الضغوطات على الشرعية والحوثي من أجل الالتزام بالتعهدات التي وقعا عليها بعد أشهر طويلة من إضاعة الوقت عبر المفاوضات.

وفي المقابل فإن الاستماع لوجهات نظر أصحاب المصلحة قد يكون أمرا محمودا وإيجابيا لكن شريطة أن يكون هناك نوايا حسنة تسعى نحو السلام على الأرض، وهو أمر لا يتوفر حاليا في ظل تصاعد حملة الاغتيالات التي تقوم بها مليشيات الشرعية بالجنوب، مع استمرار الانتهاكات الحوثية لاتفاق السويد في الحديدة.