إعصار في مناطق الحوثي.. قنبلة كورونا تفجّر موجة ارتفاع أسعار
شأنها شأن كل أزمة تطرق الأبواب، فإنّ الخوف من وصول فيروس كورونا إلى اليمن أدّى إلى تفاقم كبير في الأسعار، ما يُكبِّد السكان كثيرًا من الأعباء الفادحة.
وشهدت مختلف المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات، وفي مقدمتها محافظة صنعاء، ارتفاعًا في أسعار السلع والمواد الغذائية والمعقمات والمستلزمات الطبية الوقائية.
مصادر محلية في صنعاء قالت إنّ المليشيات أطلقت يد التجار في مناطق سيطرتها لفرض الأسعار مهما كانت مرتفعة، في مقابل دفع الإتاوات والجبايات المقررة من الحوثيين والتي تدفع على أشكال متعددة وتحت مبررات مختلفة.
وأضافت أنّ الأسواق تشهد ارتفاعات كبيرة في الأسعار وبإشراف حوثي، حيث ارتفعت أسعار الخضروات والفواكه في صنعاء ارتفاعًا متصاعدًا بسبب الجبايات التي تفرضها المليشيات الحوثية على المزارعين والتجار والباعة بالجملة والتجزئة.
وأكدت المصادر أنّ مشرفي المليشيات ينزلون إلى المزارع ويقومون بتعيين مساحات زراعية معينة كمجهود حربي، إضافةً إلى الجبايات التي تؤخذ في نقاط الحوثي، وأخرى يتم أخذها في الأسواق، ما ضاعف من أسعار الخضروات والفواكه.
وأشارت إلى أنّ المواد الغذائية، وبقية السلع الأخرى، ارتفعت بشكل كبير، بالنظر إلى تكثيف المليشيات لعمليات ابتزاز التجار والمستوردين في نقاط التفتيش التابعة لها وفرض مبالغ مقطوعة على الحاويات والقاطرات التي تحمل بضائع مستوردة من الخارج، ما ضاعف من تكاليف البضائع، وبالتالي ارتفاع أسعارها.
ولفتت المصادر إلى أنّ القاطرات تضطر للانتظار في منافذ الحوثي الجمركية المستحدثة لأكثر من ثلاثة أسابيع، ما يدفع التجار إلى القبول بالابتزاز الحوثي ودفع ما يطلبونه من أجل إنجاز إجراءات جمركة بضاعتهم بالرغم أن العملية بكاملها غير قانونية.
وأشارت إلى أنّ التجار استغلوا تخوف الناس من كورونا ورفعوا أسعار السلع الغذائية، كما شهدت أسعار الكمامات والمعقمات ارتفاعا كبيرا، في الوقت الذي يعاني فيه الموظفون من انقطاع رواتبهم ورفض المليشيات صرفها منذ أكثر من ثلاث سنوات، بالرغم من قدرتها على صرفها.
ومع تفشي فيروس كورونا في الكثير من دول العالم، وتفاقم حالة الخوف والهلع بسبب هذا الوباء المرعب، فإنّ المخاوف كثرت بشدة من انتشار كورونا في اليمن، الذي يمر ببيئة صحية شديدة الترهل، لا يمكنّها أن تتحمّل مزيدًا من المآسي الصحية.
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية قد نشرت تقريرًا عن احتمالية تفشي فيروس كورونا في اليمن، استطلعت فيه آراء خبراء منظمة الصحة العالمية وأطباء محليين.
وقالت الوكالة إنَّ معظم المرضى الذين يصابون بالفيروس التاجي الجديد يعانون من أعراض خفيفة فقط، ويتعافون بعد حوالي أسبوعين، مؤكدا أنه يمكن أن ينتشر من قبل أولئك الذين ليس لديهم أعراض واضحة.
وأضافت أن الأطباء في اليمن يعتقدون في كثير من الحالات أن الفيروس قد وصل ويخشون من أنّ الافتقار إلى أنظمة مراقبة المرض يسمح بتفشي الوباء.
وبحسب الوكالة، يخشى الأطباء في اليمن من أن الحرب المستعرة والأزمة الإنسانية ستفاقم من صعوبات تحديد سلاسل العدوى واحتواء الفيروس.
وأشارت إلى تحديد منظمة الصحة العالمية مرفقين لإجراء الحجر الصحي وتشخيص مرضى فيروس كورونا، الأول في صنعاء التي يسيطر عليها مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، والثانية في العاصمة عدن.
ونقلت الوكالة عن مسؤول في وزارة الصحة قوله إن الناس خائفون لأنهم يعرفون أن حكومة الشرعية ليست مستعدة، مؤكدًا الحاجة إلى القفازات، والنظارات، وأجهزة التهوية، والأدوية والإمدادات الأخرى.
كما أشارت إلى تصريحات طبيب بأحد المستشفيات، بأنه: "لا يمكنني حتى التحدث عن استعدادنا للفيروس، لأننا لا نملك أي شيء".
ويعيش السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية وسط مخاوف جمة بشأن وصول فيروس كورونا المستجد إلى مناطقهم في ظل بيئة صحية شديدة التردي.
ورصدت مصادر إعلامية عن حالة من التخوُّف انتابت السكان من وصول الوباء الخطير إلى مناطقهم، كونهم مروا بتجارب مريرة وأوضاع قاسية في ظل قبضة وحكم الميليشيات الحوثية التي لا تأبه لصحة وحياة السكان كما تدعي، بل تكرس جلّ جهدها وطاقتها لابتزازهم ونهب مدخراتهم لصالح المجهود الحربي.
وباء كورونا الذي أرعب العالم، أكَّدت قيادات المليشيات في حكومتها "غير المعترف بها" أنَّ تفشيه لا يعنيها، وقد تمّ التعبير عن ذلك على لسان رئيس حكومة المليشيات عبد العزيز بن حبتور: "العالم يهرب من التجمعات اليوم هربًا من فيروس كورونا، وشعبنا اليمني ليس لديه شيء يخسره، فقد متنا من الكوليرا والدفتيريا وفيروسات كثيرة، والعالم لم يتحدث عن هذا الأمر، ومن الطبيعي أن يموت هؤلاء اليمنيون".
حملت تصريحات "بن حبتور" اعترافًا حوثيًّا مفضوحًا بأنّ تفشي وباء كورونا أمرٌ لا يشغلها على الإطلاق، لكنّ الأهم في مقابل ذلك هو الحصول على دعم أكثر عددٍ من المدنيين للزج بهم إلى الجبهات.
كما أنّ الإجراءات التي اتخذتها المليشيات الحوثية على مضض للوقاية من تفشي كورونا هي عبارة عن إجراءات شكلية ليس لها أي أثر أو وجود على أرض الواقع.
وتحاول المليشيات أن تظهر للعالم عبر وسائل إعلامها وعبر بعض القرارات والخطوات التي اتخذتها، أنها تحرص على صحة وحياة السكان في مناطق سيطرتها، على الرغم من عملها على تفشي الكثير من الأمراض.