فساد الحوثي بين جني المليارات وصناعة الأعباء.. العقارات نموذجًا
عبر جرائم فساد بشعة، استطاعت المليشيات الحوثية تكوين ثروات مالية ضخمة في وقتٍ يعاني فيه القاطنون في مناطق سيطرة هذا الفصيل الإرهابي من مآسٍ إنسانية شديدة البشاعة.
وتجاوزت استثمارات مليشيا الحوثي في قطاع العقارات، مئات ملايين الدولارات في الداخل والخارج، وذلك ضمن واحدة من عشرات طرق الفساد والنهب المنظم للمال العام وإيرادات الجبايات والإتاوات التي تفرضها على الشركات والأفراد والمواطنين بمختلف شرائحهم.
مصادر محلية كشفت أنّ المليشيات نشطت مجددًا في شراء المئات من العقارات والأراضي المملوكة لسكان في أحياء متفرقة من محافظة صنعاء، بينها الحصبة والخمسين وحدة والسبعين، وحزيز وأرتل.
وأضافت المصادر أنَّ مشرفين حوثيين دفعوا مبالغ كبيرة عند عملية الشراء للأراضي والعقارات، تصل إلى مليارات الريالات، ما تسبَّب بعودة ارتفاع أسعار العقارات أكثر من السابق الذي كان قد بلغ ما يقارب 250% من قيمته قبل العام 2015.
وكشفت المصادر عن قيام المليشيات باستحداث وبناء مجمعات سكنية ومراكز تجارية عدة، بالإضافة إلى تحويلها للعقارات التي بسطت عليها بقوة السلاح أو قامت بشرائها من أموال السكان المنهوبة، إلى مواقع استثمارية تعود ملكيتها لقيادات نافذة.
وقالت المصادر إنّ تلك القيادات أوكلت إلى أشخاص موالين لها مسؤولية تشغيلها وإدارتها، فضلًا عن تسجيل بعضها بأسماء آخرين هروبًا من المحاسبة مستقبلًا.
وأفادت مصادر أمنية بصنعاء بقيام نافذين في المليشيات بتنفيذ أكثر من 1200 عملية سطو على أراضٍ عامة وخاصة في صنعاء بمفردها خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط.
تضاف هذه الخطة الحوثية إلى جرائم عديدة ارتكبتها المليشيات الموالية لإيران، رسمت طابعًا من "الفساد" على هذا الفصيل الإرهابي.
ومثّلت جرائم الفساد التي ارتكبتها المليشيات الحوثية أحد أهم الأسباب التي مكّنت عناصر هذا الفصيل الإرهابي من تكوين ثروات مالية ضخمة من جانب، مع تكبيد المدنيين أعباءً إنسانية فادحة في الوقت نفسه.
ففي واقعة فضحت فسادًا حوثيًّا، نشبت خلافات شديدة بين قيادات المليشيات على خلفية العهد المالية المصروفة؛ للترتيب للتظاهرات التي كان مقررًا إقامتها 26 مارس بصنعاء والمدن الواقعة تحت سيطرة المليشيات.
وجاءت الخلافات عقب إلغاء التظاهرات المخطط لها، وذلك في إطار قرارات مواجهة كورونا، لكن القرار كشف عن فساد مهول للقيادات الحوثية.
مصادر "المشهد العربي" قالت إنّ القيادي الحوثي أحمد حامد "أبو محفوظ" طالب القيادات الحوثية في المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم بإعادة المبالغ التي تم صرفها لهم للترتيب لتظاهرات 26 مارس, إلا أن هذه القيادات رفضت إعادتها تحت مبررات مختلفة منها صرفها ومواجهة التزامات أخرى.
وأضافت المصادر أنّ أكثر من 5 مليارات ريال تبخرت، وأن هناك خلافات محتدمة تدور في أروقة المليشيات، مشيرةً إلى أنّ القيادي الحوثي فارس الحباري المُعين من المليشيات محافظًا لريمة رفض إعادة 200 مليون ريال واعتبرها من نصيبه, وأنها لا تساوي 1% مما يقوم به أبومحفوظ، ما دفع الأخير إلى التهديد باعتقاله.
ولفتت المصادر إلى أنّ القيادي الحوثي حمود عباد قدم إخلاء عهدة مالية منها صرفيات على لوحات إعلانية في شوارع صنعاء تمجد الحوثيين وقتالهم بمبلغ يتجاوز 250 مليون ريال.
وأكدت أنّ محافظ المليشيات في عمران رفض التجاوب مع مطالب إعادة المبلغ بشكل نهائي وهو نفس الأمر الذي قامت به القيادات الحوثية والمشرفين في المحافظات، وسط توقعات بارتفاع حدة الخلافات، وبخاصةً أنّ تلك القيادات محسوبة على مراكز النفوذ المتعددة داخل مليشيا الحوثي.
وهناك الكثير من الحوادث التي فضحت حجم الفساد الحوثي، تمثّلت إحدى صورها في تحويل القطاع السياحي من قِبل المليشيات إلى إقطاعية خاصة، على حساب موظفي القطاع وأسرهم، بعد أن تحولوا إلى باعة متجولين ومتسولين.
وتجني وزارة السياحة في حكومة المليشيات غير المعترف بها وصندوق مجلس الترويج السياحي التابع لها، مئات الملايين سنويًّا من الرسوم المعتمدة من تذاكر السفر لشركات الطيران، ورسوم مزاولة المنشآت السياحية والفندقية، وأماكن الطعام والشراب، ومكاتب السفريات والسياحة والنقل وغيرها، بما في ذلك المتنفسات العامة والخاصة مثل الحدائق والكافيهات وغيرها.
كما نفّذت الملشيات الحوثية موجة نهب مالية، أجبرت أصحاب المنشآت السياحية الفندقية على دفع غرامات بعشرات الآلاف، بسندات عليها توقيع القيادي الحوثي عادل عطية، مدير مكتب القائم بأعمال وزير السياحة، بالإضافة إلى قيادي آخر يدعى حسن مزجاجي، نائب مدير مكتب السياحة بأمانة صنعاء.