تعدد أجندات الشرعية يبدد محاولات تنفيذ اتفاق الرياض
رأي المشهد العربي
يحاول التحالف العربي وأد تصعيد الشرعية في الجنوب بجملة من الاجتماعات التي هدفت إلى ترجيح الصوت السياسي والابتعاد عن الحلول العسكرية التي طفت على السطح بوصول تعزيزات مليشيات الإخوان إلى شبوة وأبين على مدار الأيام الماضية، غير أنه من الواضح أن تلك المحاولات لن تلقى طريقا للتنفيذ على أرض الواقع.
يمكن القياس على أي محاولة للحل السياسي وتهدئة الأوضاع على اتفاق الرياض الموقع بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي قبل أكثر من خمسة أشهر، إذ أن الاتفاق لم يكن محل رضاء كامل من قبل أطراف الشرعية فهناك تيارات داعمة له وأخرى رأت ضرورة التوقيع عليه مع تجميد تنفيذه على الأرض، وقوى ثالثة رفضت الاعتراف به من الأساس واعترضت على التوقيع عليه.
أجندات الشرعية المتعددة جعلت من اتفاق الرياض حبرا على ورق، لأنه في الوقت الذي عملت فيه لجان الوساطة على محاولة تطبيق بنوده على أرض الواقع، دفعت أطراف رافضة للاتفاق من داخل الشرعية لعرقلة تلك الجهود، وكلما خطت الوساطة خطوة إلى الأمام أرجعتها الأطراف المعرقلة خطوات إلى الخلف إلى أن وصلنا إلى الوضع القائم الذي تستمر فيه عمليات التحشيد العشوائي باتجاه الجنوب في وقت تعلن فيه أطراف أخرى داخل الشرعية التزامها بالتهدئة.
تجد الشرعية في هذه الانقسامات فرصة للتهرب من تنفيذ الاتفاق على الأرض، أو بالأدق التيار الذي يهيمن على الشرعية وينفذ تعليمات مليشيات الإخوان الإرهابية، إذ أن هذا التيار هو من يقود الانسحاب من الجبهات لصالح المليشيات الحوثية، وهو أيضا الذي يدفع بالعناصر الإرهابية إلى الجنوب، وبالتالي فإنه قد يدفع إلى استهلاك مزيد من الوقت في مباحثات سياسية يعمل على إفشالها بمزيد من الخروقات.
المجلس الانتقالي الجنوبي من جانبه يعي جيدا تلك الألاعيب ويرفض أن يدخل معركة تفرضها الشرعية لتحقيق مصالح قطر وتركيا لكنه على أتم الاستعداد لدحر أي محاولة لاجتياح العاصمة عدن، بل أن تعدد أجندات الشرعية قد يصب في صالحه في ظل حالة الالتفاف الجنوبي حول القوات الجنوبية التي تحقق انتصارات يومية في جبهة الضالع، في حين تعاني الشرعية التشرذم والانقسام.
خلاصة القول إن تطبيق اتفاق الرياض في ظل وجود تيارات متعارضة مع بعضها البعض داخل الشرعية يعد ضربا من الخيال، وبالتالي فإن المطلوب هو إعادة هيكلة الشرعية أولا ثم بدء تنفيذ بنود الاتفاق، ما يجعل من ضرورة تشكيل حكومة جديدة أمرا ملحا في الوقت الحالي لوأد المشروع القطري الإيراني التركي.