قرارٌ مصيري .. ولكن !

لا أعتقد أن ثمّة من سيناكف حول موضوعية وصوابية إتخاذ قيادتنا في الإنتقالي لقرار إعلان تحمل مسؤولية إدارة جنوبنا ذاتياً ، فهو قرار طال إنتظاره طويلاً ، وخصوصاً في ظل حالة العبث والإستهداف المقصود الذي مارستهُ الشرعية في التعاطي مع جنوبنا منذو تحريره ، وهذا عايشه الكل وبكل مرارةٍ ، وفي ظل تغاضي الشركاء في الإقليم عن كل صور الإستهانة بشعبنا والتلذذ بتعذيبه ، وقد بلغ الحدٌ مداه ولاشك.

الٱن ، وبعد هذا القرار المصيري ، ثمة محاذير عدة تنتصبُ أمامنا ، والأول والأبرز فيها هو : هل سنستطيع فعلاً إدارة جنوبنا ذاتياً وبجدارةٍ ؟! وهنا علينا أن نجيب على ذلك وبدون الجنوح الى النّزقِ والشطحات ، وبالأصح أن نُجند أفضل ملكاتنا وكوادرنا بهذا الصدد ، وهذا من مسؤولية القيادة الأعلى ولاشك ، كما أن لانميل الى الإستخفاف أو الصمت على السلوكات العابثة التي ربما يلجأُ اليها بعضنا خلال هذه المهمة الحيوية ، مثلاً : هل سيتقيد جنودنا المكلفين بحماية المرافق بعدم التصرف بإستهتار أو العبث أو التكسب من موجودات المرافق أو إبتزاز المترددين عليها أو .. أو .. ، وهذا مجرد أنموذج بسيط ليس إلا ، فما بالنا بالمجالات الأعلى والأكثر أهمية في نشاط هذه المرافق .

حتى اللحظة ، لم تفصح السلطة الشرعية عن موقفها من قرارنا المصيري هذا ، وبالقطع في جعبتها الكثير ، خصوصا بعد قطع الموارد عنها ، كما والإقليم لم يفصح رسمياً بعد عن موقفه ايضاً ، حتى كبرى الدول الفاعلة .. كل هذا له تبعاته ولاشك ، وبالطبع لانسقط أسوأ الإحتمالات في قيام السلطة الشرعية بتفجير الموقف عسكرياً على خلفية هذا القرار ، وهذا علينا أن نضعه في أولويات إهتماماتنا ايضاً ، فللقرار تبعات ثقيلة لايتهاون فيها إلا الساذج .

 من المهم جداً أن تلجأ قيادتنا الى الإستعانة بغربالٍ دقيق لفرز الغث من السمين في كادرنا في هيئاتها ، وصراخ الشارع في هذا الجانب قد بلغ مداه ، وهذا من المهم جدا مراعاته ، لأنه لايستقيم الظل والعود أعوج ، فثمة كثيرين من غير المؤهلين في هيئات مجلسنا الإنتقالي لتصدٌر المرحلة الراهنة لدقتها وخطورتها على شعبنا وقضيته ومصيره الٱن ، ومع الأسف بعض السذّج من يوصمنا بالجنوح الى المناكفة عندما نتحدث في هذا الجانب ، مع أن هذه المسألة واقعية جدا ، وشواهد الفترة الماضية تُشير وبكل جلاء الى الكثير من الشوائب التي رافقتها بسبب هذه النوعية ، وإدارة الظهر لمثل هذا الأمر أكثر من خطير وكارثي في مثل هذه اللحظات الحرجة من مسارنا .

فعلاً تأخّر كثيراً إتخاذ قرار مصيري كهذا ، ولكن لقيادتنا رؤيتها وتقييماتها وقراءاتها ، وبالقطع هي قراءات دقيقة بسبب إقترابها وإحتكاكها بكل مايدور ويخص شعبنا الجنوبي ومصيره ، ولذلك علينا جميعاً وبدون إستثناءٍ التّراص لحمة واحدة خلف قيادتنا لمواجهة حيثيات وتبعات مثل هكذا قرار ، بل وأن نضع نصب أعيننا تحدٍ واحد فقط ، وهو ضرورة نجاحنا وصمودنا لإنجاح قرارنا التأريخي هذا ، مع أن له إشتراطات ومتطلبات جمة لضمان نجاح تنفيذه بمثالية على الأرض ، وشخصياً أشعرُ أننا سنكون أهلاً لذلك بإذنه تعالى .. أليس كذلك ؟!