الإدارة الذاتية.. لماذا أرعبت المليشيات الإخوانية؟
مثّل إعلان المجلس الانتقالي، الإدارة الذاتية للجنوب صفعة على وجه حكومة الشرعية التي تنفذ خطة مشبوهة، تقوم على احتلال الجنوب وبسط هيمنتهم ونفوذهم عليه، في وقتٍ تركت فيه الحكومة المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني أراضيها من أجل الحوثيين.
وفيما أبدى الجنوب التزامًا كاملًا ببنود اتفاق الرياض الموقع مع حكومة الشرعية في الخامس من نوفمبر الماضي، إلا أنّ "الأخيرة" دأبت على خرق بنود هذه الاتفاق، وعملت ليل نهار على استفزاز الجنوب عبر سلسلة من التحركات العسكرية، فضلًا عن صناعة أزمات حياتية، جاء إعلان الإدارة الذاتية ليحاربها.
وبالنظر إلى مجريات الأمور على مدار السنوات الماضية، فقد أثبتت "الشرعية" أنّها لا تعادي المليشيات الحوثية، بل تقوم بينهما علاقات مشبوهة، تجلّت كثيرًا فيما أقدمت عليه المليشيات الإخوانية بتسليم نهم والجوف للمليشيات الحوثية، فيما يتم الحديث الآن عن تسليم مأرب للحوثيين أيضًا.
تسليم الإخوان الجبهات للحوثيين يهدف في المقام الأول إلى فتح جبهات قتال ضد الجنوب وشعبه، في محاولة من هذا الفصيل المخترق للشرعية للعمل على بسط سيطرته على الجنوب، في وقتٍ لا يولي أي اهتمام للحرب على الحوثيين، وذلك ضمن الخيانات الإخوانية المتواصلة للتحالف العربي.
إزاء ذلك، فقد كان من الطبيعي أن يشن أبواق "الإصلاح" هجومًا على إعلان الإدارة الذاتية، لما في ذلك في ضربة قاسمة لمؤامراتهم الخبيثة التي تستهدف الجنوب، وإفشالًا لأجنداتهم التي أعدتها دولتا قطر وتركيا، في محاولة لتثبيت النفوذ الإخواني الإرهابي.
تجلّى هذا العداء الإخواني أيضًا في تعامل هذه المليشيات التابعة للشرعية مع بنود اتفاق الرياض، الذي تعرّض لخروقات عديدة من قِبل هذا الفصيل الإرهابي في محاولة لإفشاله، إدراكًا منهم أنّ الاتفاق يقضي على النفوذ الإخواني.
يتفق مع ذلك المحلل السياسي السعودي خالد الزعتر، الذي كشف سر هجوم جماعة الإخوان الإرهابية ومليشياتها باليمن على إعلان الإدارة الذاتية للجنوب.
وكتب الزعتر عبر تغريدة له عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "تسليم الشرعية لـنهم و الجوف للحوثي واليوم مأرب على الأبواب هو نتاج الفساد المتفشي داخل الشرعية ".
وأضاف: "الأهم أن قوات الإخوان المنضوية تحت لواء الشرعية لا تنظر للحوثي خطراً بقدر ما تنظر لأبناء الجنوب خطراً عليها ، والدليل صياحهم عقب إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية".
وهذا الأسبوع، أعلنت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، حالة الطوارئ العامة في العاصمة عدن وعموم محافظات الجنوب، وقررت عقب اجتماع طارئ بحضور القيادات العليا للجيش الجنوبي، منذ قليل، إعلان الإدارة الذاتية للجنوب بدءا من ليل السبت "الماضي".
ونص القرار على مباشرة لجنة الإدارة الذاتية أداء عملها وفقاً للمهام المحددة لها من رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي.
ودعت الهيئة الجماهير إلى الالتفاف حول قيادتها السياسية ودعمها ومساندتها لتنفيذ إجراءات الإدارة الذاتية للجنوب.
كما قررت تشكيل لجان رقابة على أداء المؤسسات والمرافق العامة ومكافحة الفساد في الهيئات المركزية والمحلية، بتنسيق بين رئيس الجمعية الوطنية ورؤساء القيادات المحلية للمجلس في المحافظات.
وكلفت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي اللجان الاقتصادية والقانونية والعسكرية والأمنية بتوجيه عمل الهيئات والمؤسسات والمرافق العامة لتنفيذ الإدارة الذاتية للجنوب، بما لا يتعارض مع مصالح شعب الجنوب.
وطالبت الهيئة محافظي محافظات الجنوب ومسؤولي المؤسسات والمرافق العامة من أبناء الجنوب إلى الاستمرار في أعمالهم.
ودعت دول التحالف العربي والمجتمع الدولي إلى دعم ومساندة إجراءات الإدارة الذاتية لتحقيق أمن واستقرار شعب الجنوب، ومكافحة الإرهاب، والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
وأرجعت الهيئة قرارها إلى تزايد المؤامرات وعدم صرف رواتب وأجور منتسبي المؤسسة العسكرية والتوقف عن دعم الجبهات المشتعلة بالسلاح والذخائر وإهمال أسر الشهداء والجرحى ودعم الإرهاب وقوى التطرف وانهيار الخدمات العامة.
وأشارت إلى استمرار صلف حكومة الشرعية وتسخيرها موارد وممتلكات شعب الجنوب في تمويل أنشطة الفساد وتهربها من تنفيذ التزاماتها في اتفاق الرياض بالتزامن مع صمت غير مبرر من الأشقاء في التحالف العربي.
بهذه الخطوة، تكون القيادة السياسية الجنوبية ممثلة في المجلس الانتقالي الجنوبي، قد لبّت مطلب الشعب بأن تتخذ خطوات فاعلة على الأرض في مواجهة المؤامرة التي تُحاك ضد الوطن من قِبل حكومة الشرعية.
وأصبح يوم الأحد "السادس والعشرون من أبريل" أحد الأيام الفارقة في تاريخ الجنوبيين، بعدما أعلن المجلس الانتقالي الإدارة الذاتية للجنوب، وقد نصّ القرار على مباشرة لجنة الإدارة الذاتية أداء عملها وفقًا للمهام المحددة لها من رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي.
هذه الخطوة التاريخية تحمل أهمية كبيرة في رحلة الجنوبيين نحو استرداد وطنهم وتمكين أصحاب الأرض من إدارتها، وكبح جماح أي محتل يسعى للنيل من أمن الوطن واستقراره، ويحاول نهب مقدراته، والحديث هنا عن "الشرعية المخترقة إخوانيًّا".
الكرة الآن أصبحت في ملعب الجنوبيين، وأصبح الوضع الراهن يستلزم تكاتفًا شعبيًّا ضخمًا وراء القيادة السياسية والعسكرية من أجل تحصين الوطن من المؤامرة الإخوانية.
الجنوبيون أصبحوا في أمس الحاجة لتغيرات جذرية، تضفي عليهم نوعًا من الحياة الهادئة المستقرة على أرضهم، ويتعلق هذا الأمر بضرورة العمل على ضبط عمل المؤسسات لا سيّما الخدمية بالإضافة إلى ضرورة مكافحة الفساد الذي غرسته "الشرعية" في الجنوب من أجل نهب ثرواته من جانب والتنغيص على مواطنيه من جانب آخر.