تحركات المهرة.. أشواك إخوانية مفخخة في مسار اتفاق الرياض
لم يعد خافيًّا على أحد الدور المشبوه الذي تلعبه حكومة الشرعية المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي، من أجل العبث بمسار اتفاق الرياض الموقع بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية قبل نحو سبعة أشهر.
ومنذ توقيع الاتفاق في الخامس من نوفمبر الماضي، أصبح الشغل الشاغل لحكومة الشرعية العمل على استهداف الاتفاق عبر سلسلة طويلة من الخروقات والانتهاكات التي زرعت الأشواك المفخخة في هذا المسار.
ويبدو أنّ زيارة الرئيس عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي للمملكة العربية السعودية وما يمكن قراءته من توافق سعودي جنوبي قد أرعب حكومة الشرعية، التي ردّت على ذلك بتحركات جديدة بغية إفشال الاتفاق الذي كان من المأمول أن يضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية بعدما أقدم حزب الإصلاح على تشويه هذه البوصلة.
وفي هذا الإطار، تقول صحيفة "العرب" اللندنية، إنَّ تيار قطر وتركيا في حكومة الشرعية رد على التوافق السعودي مع المجلس الانتقالي، بمساعي جديدة لإفشال اتفاق الرياض.
وقالت الصحيفة، إن قيادات إخوانية عقدت لقاءات في المهرة مؤخرًا، بهدف تخفيف الضغط على المليشيات الحوثية الإرهابية، وخلق فوضى تفتح المجال أمام دخول لاعبين جدد في الملف على رأسهم أنقرة.
وشددت على أن تيار الإخوان بحكومة الشرعية قابل الجهود التي تبذلها السعودية لتنفيذ اتفاق الرياض، ببث خطاب إعلامي وسياسي مطالب بدور لتركيا.
وأشارت الصحيفة إلى مليشيا الإخوان فشلت في تصعيدها الأخير، وأنّه لم تحقق أي نتائج ميدانية على الأرض في مواجهتها مع القوات المسلحة الجنوبية بأبين.
اتفاق الرياض أتمَّ الشهر السادس على توقيعه، ولا يزال يراوح مكانه، بعدما ناله الكثير من الخروقات الإخوانية التي سعت إلى إفشاله.
الاتفاق نصّ على تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 ديسمبر، وتعيين محافظ ومدير أمن جديدين للعاصمة عدن خلال 15 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 20 نوفمبر، وتعيين محافظين لأبين والضالع خلال 30 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 ديسمبر.
وتضمّن الاتفاق أن يباشر رئيس الحكومة الحالية عمله في العاصمة عدن خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام من تاريخ توقيع الاتفاق وذلك في 12 نوفمبر، وتعيين محافظين ومدراء أمن في بقية المحافظات الجنوبية من قِبل الرئيس اليمني المؤقت عبد ربه منصور هادي خلال 60 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 يناير.
واشتمل الاتفاق كذلك على عودة جميع القوات التي تحرّكت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية أغسطس الماضي إلى مواقعها السابقة خلال 15 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 20 نوفمبر، ويتم تجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن خلال 15 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 20 نوفمبر.
وجاء في بنود الاتفاق نقل جميع القوات العسكرية التابعة للحكومة والتشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي في محافظة عدن إلى معسكرات خارج محافظة عدن تحدّدها قيادة التحالف خلال 30 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 ديسمبر، وتوحيد القوات العسكرية وترقيمها وضمها لوزارة الدفاع وإصدار القرارات اللازمة وتوزيعها خلال 60 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 يناير.
وورد كذلك في الاتفاق أن تتم إعادة تنظيم القوات العسكرية في محافظتي أبين ولحج تحت قيادة وزارة الدفاع خلال 60 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 يناير، وإعادة تنظيم القوات العسكرية في بقية المحافظات الجنوبية تحت قيادة وزارة الدفاع خلال 90 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 فبراير.
كل هذه البنود التي وردت في الاتفاق تعرّضت لسلسلة طويلة من الخروقات والانتهاكات التي ارتكبتها حكومة الشرعية المخترقة إخوانيًّا، عبر تصعيد عسكري واسع بالإضافة إلى محاولة التنغيص على الجنوبيين وافتعال الأزمات أمامهم.
على الرغم من تأكيد مختلف الأطراف الإقليمية والدولية على أهمية تنفيذ اتفاق الرياض وضرورته القصوى في ضبط بوصلة الحرب التي شوّهتها حكومة الشرعية المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني، إلا أنّ "الأخيرة" ارتكبت كثيرًا من الخروقات من أجل إفشال هذا المسار.
وفيما تضمَّن الاتفاق أن يتم تشكيل حكومة جديدة بما يعني استئصال النفوذ الإخواني من معسكر الشرعية، فإنّ حزب الإصلاح يواصل العمل على خرق بنود الاتفاق من أجل حفظ مصالحه وضمان بقائه في معسكر الشرعية.
في المقابل، فإنّ القيادة السياسية الجنوبية، ممثلة في المجلس الانتقالي، تواصل الالتزام ببنود الاتفاق حرصًا منها على تحقيق الاستقرار السياسي والعمل على إنجاح جهود التحالف العربي في مكافحة المشروع الحوثي.
الآن، وبعد مرور ستة أشهر على توقيع الاتفاق، وبعد الإفشال الإخواني المتعمد لبنوده، أصبحت كافة الحقائق جليةً أمام مختلف الأطراف لا سيما أمام التحالف العربي، في ما يتعلق بالالتزام الجنوبي السياسي بالإضافة إلى جهود القوات المسلحة الجنوبية في التصدي للحوثيين.
أمّا حكومة الشرعية، فهي إلى جانب خروقاتها لبنود اتفاق الرياض من أجل إفشال المسار السياسي، فهي تواصل الارتماء في أحضان قطر وتركيا وتملك علاقات نافذة مع المليشيات الحوثية، وهو ما يطعن التحالف العربي بخنجر الخيانة.
يُشير كل ذلك إلى أنّه لا يمكن التعويل على حكومة الشرعية، وأنّ بقاء الهيمنة الإخوانية على الشرعية سيظل حجر عثرة أمام تحقيق الحسم العسكري على الحوثيين وسيضر بجهود التحالف.