الحوثي يحرق الأرض.. لماذا تصر المليشيات على إخفاء حقائق كورونا؟

الجمعة 29 مايو 2020 12:04:45
 الحوثي يحرق الأرض.. لماذا تصر المليشيات على إخفاء حقائق كورونا؟

دخلت أزمة جائحة كورونا مرحلة قاتمة بعدما سجّلت فيه تفشيًّا مرعبًا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهو ما اعترفت به المليشيات إلا أنّها تصر على إخفاء الأرقام الحقيقية لضحايا الفيروس.

وزارة الصحة في حكومة الحوثي "غير المعترف بها" اعترفت بتفشي فيروس كورونا في صنعاء ومختلف مناطق سيطرتها، إلا أنها رفضت الإفصاح عن عدد الإصابات.

وبررت الوزارة الحوثية موقفها أنّ هذه السياسة في التعامل مع الوباء لا تتناسب مع وضع البلد الذي يعيش ما زعمت أنه "عدوان وحصار".

وأوضحت في بيان، أن سياسية التهويل الذي اعتمدت عليها كثير من دول العالم، أضعفت الروح المعنوية لدى مواطنيها وخلقت حالة من الهلع والخوف والقلق، كانت أشد فتكا من المرض نفسه .

واتهمت صحة الحوثيين، منظمة الصحة العالمية بتزويد المليشيا بمحاليل غير فعالة، وأظهرت إيجابية لعينات غير بشرية وغير متوقعة على حد زعم البيان.

التبرير الحوثي لإخفاء الحقائق عن تفشي كورونا يمكن اعتباره سكبًا للبنزين على النار، ففي الوقت الذي تُشدِّد فيه كافة الأطراف على ضرورة التحلي بالشفافية في التعامل مع الأزمة، إلا أنّ المليشيات ابتكرت استراتيجية جديدة، يمكن القول إنّها ستحرق الأخضر واليابسة.

يبدو أنّ قنبلة كورونا المدوية أوشكت على الانفجار الشامل في اليمن، في ظل تدهور الوضع الراهن مع تفشي الجائحة على صعيد واسع، في وقتٍ تتعامل فيه المليشيات الحوثية مع الأزمة بكثيرٍ من الخبث عبر إخفاء المعلومات الحقيقية عن انتشار الفيروس.

وفي هذا الإطار، عبّر رؤساء اللجان الدائمة المشتركة بين الوكالات التابعة للأمم المتحدة العاملة في اليمن، مساء اليوم الخميس، عن قلقهم من تدهور الوضع في اليمن.

وشدّد الرؤساء في بيان مشترك، على أن الأرقام الرسمية لحالات الإصابة بفيروس كورونا، أقل من المعلنة، مؤكدين أن إمدادات اليمن من أدوات الاختبار قليلة للغاية.

وأشار البيان إلى أن هناك نقصًا حادا في إمدادات الصرف الصحي والمياه النظيفة، موضحا أن المراكز الصحية العاملة تفتقر إلى العديد من المعدات الأساسية مثل الأقنعة والقفازات فضلا عن الأوكسجين.

وتتجّه أزمة جائحة كورونا في المناطق الخاضعة لهيمنة الحوثيين إلى الخروج عن السيطرة، بعدما سجّلت المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات تفشيًّا مرعبًا للفيروس، في وقتٍ تنظر فيه المليشيات لمن يصاب بالمرض بأنّه "متهم".

وأصبحت جائحة كورونا عنوانًا لأزمة مستعرة داخل صفوف الحوثيين، ففي الوقت الذي اخترق فيه الفيروس الصف الأول للمليشيات، فقد كانت هذه الأزمة سببًا في تصاعد الخلافات بين القيادات.

بداية هذا المشهد العبثي كانت مع التعامل الحوثي الخبيث مع الجائحة، حيث مالت المليشيات منذ اليوم الأول لوصول كورونا إلى مناطق سيطرتها إلى إخفاء الحقيقة والتكتم على أعداد المصابين، حتى انتشر الفيروس بين قادة الصف الأول.

الحديث هنا عن معلومات متداولة بقوة، مفادها إصابة وزير الصحة في حكومة المليشيات "غير المعترف بها" طه المتوكل بفيروس كورونا، في وقتٍ دعا فيه قادة بارزون في المليشيات لإقالته بسبب التكتُّم على أعداد الإصابات الحقيقية لا سيّما في محافظة صنعاء.

وسجّل فيروس كورونا حضورًا ملحوظًا بين قادة الصف الأول للمليشيات الحوثية، فإلى جانب المتوكل تمّ الحديث عن إصابة عضو مجلس حكم المليشيات سلطان السامعي، وأنّه عُزِل مع المتوكل في مستشفى خاص بصنعاء.

ونهاية الأسبوع الماضي، تمّ الكشف عن وفاة قيادي حوثي كبير ومسؤول في حكومة المليشيات غير المعترف بها بفيروس كورونا.

وقال مصدر مطلع لـ"المشهد العربي"، إن القيادي الحوثي أحمد دغار، نائب وزير التخطيط في حكومة المليشيات الإرهابية، توفي بفيروس كورونا، وأضاف المصدر أنّ عددًا من القيادات الحوثية تخضع للحجر الصحي نتيجة مخالطة بعض القيادات التي ثبت إصابتها بالفيروس.

قبل ذلك أيضًا، تمّ الكشف عن وفاة القيادي أحمد المؤيد بعد إصابته بالفيروس المستجد، حيث قال مصدر طبي لـ"المشهد العربي" إنّ المؤيد وهو عضو مجلس الشورى التابع للمليشيات وصاحب مستشفى المؤيد توفي جراء إصابته بفيروس "كوفيد 19" بعد أيام من دخوله العناية المركزة.

وأضاف المصدر أنّ المؤيد كان قد خالط عددًا من القيادات الحوثية، موضحا أن القيادات الحوثية الكبيرة وفي إطار إجراءاتها الأمنية المشددة خشية الاغتيال والاستهداف، لا تتردد إلا على مستشفى المؤيد الذي تم تجهيزه بغرف عناية مركزة فائقة.

وأشار إلى أن عددا من القيادات الحوثية ترددت على المستشفى، وخالطت المتوفى، وأن المليشيات طلبت من عدد من القيادات البقاء في الحجر المنزلي.

كما توفي أيضًا مالك مستشفى خاص في صنعاء من أتباع مليشيا الحوثي، وهو الدكتور أحمد الوجيه مالك "مستشفى آزال"، أحد أكبر المستشفيات الخاصة في صنعاء، بعد أسبوعين من إصابته، وبعد أقل من أسبوعين على وفاة المؤيد.

وتعبيرًا عن بلوغ الأزمة حدًا فاق كل الخيال، فقد أصبحت الإصابة بكورونا "اتهامًا" في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث عملت المليشيات في أكثر من واقعة على قتل من تتبين إصابته بـ"كوفيد 19".

وفي الفترة الماضية، اتسعت دائرة الدفن السري لحالات يعتقد إصابتها بفيروس كورونا المستجد في محافظة إب، حيث دفنت المليشيات الحوثية الإرهابية، بحسب مصادر محلية لـ"المشهد العربي" عددًا من الجثث وسط إجراءات صحية وأمنية مشدد في مقبرة الغفران وسط المدينة.