التصعيد الحوثي الغاشم.. المليشيات تحرق الأرض وتقتل ساكنيها
يبدو أنّ المليشيات الحوثية قد قررت السير طريق الذهاب بلا عودة، عبر التصعيد العسكري الذي كبَّد المدنيين كثيرًا من الأثمان الفادحة على مدار سنوات الحرب العبثية القائمة منذ صيف 2014.
ورفعت مليشيا الحوثي، وتيرة خروقاتها للهدنة الأممية، واستهدافها للمدنيين وسط دعوات لوقف النار لتوحيد الجهود بهدف مكافحة تفشي فيروس كورونا.
ففي أحدث اعتداءتها، هاجمت مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، عددًا من الأحياء السكنية شرق مدينة التحيتا.
مصادر محلية أكّدت أنّ المليشيات الإرهابية قصفت منازل المواطنين والأحياء السكنية شرق المدينة بقذائف الهاون الثقيل، وفتحت نيران أسلحتها على المنازل.
ومستخدمةً قذائف المدفعية والأسلحة المتوسطة والقناصة، اعتدت مليشيا الحوثي، على مناطق متفرقة في الحديدة.
وكشفت مصادر محلية، عن إطلاق المليشيات الحوثية من مناطق تمركزها سبع قذائف من مدفعية الهاون الثقيل عيار 120 على مناطق سكنية متفرقة في مديرية الدريهمي.
كما واصلت المليشيات استهدافها لمنازل المواطنين في حي منظر التابع لمديرية الحَوَك، بالأسلحة الرشاشة المتوسطة والأسلحة القناصة.
وفتحت عناصر مليشيات الحوثي النار على مجمع إخوان ثابت الصناعي، في مدينة الحديدة، بأسلحة رشاشة متوسطة.
وامتدت خروقات المليشيات الإرهابية إلى شرق مدينة الصالح، حيث هاجمت عناصرها المنطقة بالأسلحة.
وفي الوقت الذي يترك فيه الحوثيون بمناطق سيطرتهم رهن افتراس جائحة كورونا، فإنّ المليشيات أقدمت على التصعيد العسكري طوال الأيام الماضية، في جرائم خبيثة استهدفت المدنيين.
وسبق أن قالت مصادر عسكرية لـ"المشهد العربي" إنّه في الوقت الذي يتعنت فيه الحوثيون في الساحل الغربي والاستمرار بحربهم الخاسرة في ظل سخافة التكتم على وفيّات فيروس كورونا، فقد أقدمت المليشيات على التصعيد بعمليات مختلفة خلال أيام عيد الفطر المبارك.
المصادر الموثوقة بيّنت أنّه تمّ رصد أكثر من 40 عملية محاولة تسلل و12 عملية هجوم إلى جانب عشرات الخروقات خلال أيام العيد، كما استمرت المليشيات في خروقاتها المختلفة باستهداف المدنيين ومنازلهم في حيس والتحيتا والدريهمي والجاح.
وفي عملية سخيفة، لجأت المليشيات الحوثية إلى تهديد الأطباء والقائمين على المستشفيات والأهالي بعدم الكشف عن حالات ضحايا فيروس كورونا المستجد، في مختلف المحافظات التي تسيطر عليها المليشيات.
وأوضحت المصادر أنّ غالبية المشتبه بإصابتهم بالفيروس، قامت الميليشيا الحوثية بتصفيتهم عن طريق الحقن، للتخلص من عبء الحجر الصحي والمتابعة المستمرة للحالات، ما جعل الأهالي يختارون الموت في البيوت وعدم اللجوء إلى المستشفيات ومصارعة الألم ولو كان مرض ليس له علاقة بفيروس كورونا.
الجرائم الحوثية المتواصلة لم تعد تثير أي تدخل من قِبل المجتمع الدولي، الذي يبدو أنّه على قناعة بالاكتفاء بتوجيه رسائل سياسية لا تثمر ولا تغني من جوع، مفادها الدعوة إلى وقف الحرب إلا أنّها لا تحقّق أي جديد، وهذا راجع في الأساس إلى أنّ المليشيات الحوثية تغمض أعينها عن هذه الدعوات وتلجأ للتصعيد العسكري.
أحدث الدعوات الدولية جاءت على لسان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك الذي جدّد الدعوة للأطراف المتحاربة في مناطق الصراع وبينها اليمن لوقف القتال.
وشدّد المسؤول الأممي على ضرورة الالتزام الفوري وغير المشروط بالسماح بإمدادات المساعدات والموظفين للوصول إلى المحتاجين، ولفت إلى أهمية تعليق الحرب؛ لمساعدة الأنظمة والمجتمعات الصحية الهشة بالفعل على التعامل مع "كورونا".
وكثيرًا ما وجّهت الأمم المتحدة دعوات ومناشدات لوقف إطلاق النار في اليمن، وخيرًا فعل التحالف العربي عندما أعلن مؤخرًا عن هدنة إنسانية لإتاحة الفرصة من أجل مواجهة جائحة كورونا، إلا أنّ المليشيات الحوثية دأبت على خرق هذه الدعوات، عبر سلسلة طويلة من التصعيد العسكري.
وانتهت قبل أيام هدنة إنسانية أعلنها التحالف تضمّنت وقفًا لإطلاق النار لكنّها كانت من جانب واحد، حيث ردّت المليشيات الحوثية عليها بسلسلة متواصلة من الخروقات، وقد أتبعت ذلك بتهديدات نحو مزيدٍ من التصعيد.
التهديدات الحوثية صدرت على لسان الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام فليتة الذي يُنظَر إليه بأنّه وزير الخارجية الفعلي للمليشيات، حيث لوّح للتصعيد العسكري في المرحلة المقبلة في العمليات ضد التحالف العربي.
التلويح الحوثي كرّره القيادي بالمليشيات، وهو المدعو حسين العزي المعيّن نائبًا لوزير خارجية المليشيات، بإشعال المعارك على نطاق واسع، زاعمًا أنّ المليشيات نفد صبرها.
التصريحان الحوثيان يُشيران إلى مرحلة جديدة من دراما الحرب الحوثية، فالمليشيات التي تعتمد على الأكاذيب على صعيد واسع، تهدِّد بمزيدٍ من التصعيد، على الرغم من أنّ تصعيدها العسكري لا يتوقّف على الأرض.
وإذا كانت المليشيات الحوثية قد ارتكبت أكثر من أربعة آلاف للهدنة الإنسانية التي أعلنها التحالف العربي في أبريل الماضي، فإنّ اتفاق السويد مثّل الدليل الأكبر في سلسلة الإرهاب الذي تمارسه المليشيات الحوثية من أجل إطالة أمد الحرب.
فالاتفاق الموقع في ديسمبر 2018، خرقته المليشيات الحوثية بأكثر من 15 ألف انتهاك، على الرغم من أنّ هذا المسار نُظِر إليه بأنّه الخطوة في مسار إحلال السلام، إلا أنّ المليشيات الموالية لإيران أفشلت هذا المسار بسبب الخروقات العديدة التي ارتكبتها المليشيات.
وإزاء التصعيد الحوثي المتواصل ومع إقدام المليشيات على الخيار العسكري دون أن تسمح لأي هدنة إنسانية أن تنجح، فإنّ التحالف العربي يبقى ملتزمًا بالعمل على مكافحة الإرهاب الحوثي المدعوم من إيران، لا سيّما أنّ هذا الإرهاب يمثّل تهديدًا كبيرًا للأمن القومي العربي.