فساد المنظمات الأممية.. رصاص آخر ضاعَفَ مأساة اليمن
في الوقت الذي تتحمّل فيه المليشيات الحوثية الموالية لإيران المسؤولية الأكبر عن المأساة الإنسانية التي يشهدها اليمن، فإنّ المنظمات الأممية التي يفترض أن تلعب دورًا إغاثيًّا، تتحمّل جانبًا من المسؤولية بفعل جرائم الفساد التي تورّطت فيه هذه الجهات.
ففي عددها الصادر اليوم السبت، تحدّثت صحيفة "العرب" اللندنية عن الاتهامات الموجهة إلى برامج هيئات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب والشمال.
وقالت الصحيفة، إن تلك البرامج تواجه اتهامات واضحة بممارسة الفساد على نطاق واسع، في ظل فشلها بالتعاطي مع الأزمة الإنسانية الصحية.
ونوهت إلى أن المملكة العربية السعودية تحاول معالجة ذلك من خلال تنظيم مؤتمر افتراضي لمانحي اليمن يوم الثلاثاء، بالشراكة مع الأمم المتحدة.
وحول أبرز الانتقادات الموجهة لتلك المنظمات، شددت الصحيفة على أن هناك تضاربًا واضحًا بالبيانات الصادرة عن المنظمات التابعة لها، مع بروز مؤشرات على استشراء حالة الفساد والأجندات السياسية في عملها.
وبين حينٍ وآخر، يكثر الحديث عن فساد ومخالفات في عمل منظمات تابعة للأمم المتحدة تؤدي أدوارًا في اليمن، ما أضفى مزيدًا من الاتهامات حول توجهات هذه الجهات فيما يتعلق بتعاملها مع الأزمة الأنسانية المتأزمة، الناجمة عن الحرب العبثية التي أشعلتها المليشيات الحوثية في صيف 2014.
ففي وقت سابق، اتهمت مصادر تربوية منظمة "اليونيسف" بالفساد والمماطلة في صرف مستحقات المعلمين في اليمن، وقالت إنّ المنظمة أجّلت مجددًا صرف حوافز المعلمين وإرسال حوالات المستفيدين بشكل غير مبرر.
وأضافت المصادر أنّ منظمة اليونيسف تمارس أنواع الفساد المالي والإداري في اليمن، فقد استلمت مبلغ 140 مليون دولار على دفعتين بهدف صرفها كحافز رمزي للمدرسين كي يستمروا في أعمالهم وذلك منذ العام الدراسي 2019/2018 وللعام الدراسي 2020/2019.
وبحسب المصادر، فإنّه كان من المقرر أن يستلم كل مدرس حافزًا لعشرة أشهر تسلم شهريًا، لكن العام الماضي جرت المماطلة في تسليمها حتى نهاية العام، ورغم ذلك لم يتم تسليم كامل المبلغ وإنما لأكثر من سبعة أشهر فقط.
وأكدت المصادر، أنه تم التلاعب بسعر الصرف في ذلك الحين واستقطاع خصميات كبيرة على كثير من المعلمين، حيث رافق عملية الصرف العشوائية سوء معاملة للكادر التعليمي، ولفتت إلى أنّ المنظمة تماطل في صرف حقوق المعلمين وتعطي ما بين فترة وأخرى موعدًا جديدًا كاذبًا.
وأشارت إلى أن المنظمة اعتمدت مخصصًا لخمسة أشهر فقط في بداية الدوام منذ بداية سبتمبر الفائت وحتى مارس وأن إيقاف العملية التعليمية جاء بطلب منها.
وفي وقتٍ سابق أيضًا، كشفت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية عن تورُّط أكثر من عشرة عمال إغاثة تابعين للأمم المتحدة في اليمن بقضايا نهب وفساد.
الوكالة قالت إنّها حصلت على وثائق تحقيقات داخلية لمنظمات الأمم المتحدة، وأن منظمة الصحة العالمية تحقق في عدد من المزاعم، بينها توظيف أشخاص غير مؤهلين برواتب عالية.
ومن قضايا الفساد التي كشفتها الوكالة، إيداع العاملين مئات آلاف الدولارات في حساباتهم الشخصية، والموافقة على إبرام عشرات العقود المشبوهة دون المستندات اللازمة، وفقدان أطنان من الأدوية والوقود المتبرع بهما.
وفي واقعة أخرى، كشفت تحقيق أجرته منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة، عن سماح موظف لقيادي حوثي بالتنقل على متن مركبات تابعة للمنظمة الأممية لتحميه من الغارات الجوية للتحالف العربي.
يُضاف إلى ذلك أنّ تقريرًا سريًّا للجنة خبراء الأمم المتحدة أفاد بأنّ مليشيا الحوثي تضغط باستمرار على وكالات الإغاثة لتوظيف أشخاص موالين لها، وتنفيذ مشروعات بعينها، وقالت الوكالة إنّها اطلعت على تقارير أممية تكشف عن سرقة الحوثيين إمدادات طبية.
فساد المنظمات التابعة للأمم المتحدة يثير الكثير من علامات الاستفهام بشأن الدور الذي يقوم به المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمة اليمنية القائمة منذ صيف 2014، والتي خلّفت وراءها واقعًا حياتيًّا شديد البؤس.
الانتقادات الموجهة للأمم المتحدة لا تقتصر على هذا الأمر فقط، بل يتعامل المجتمع الدولي بكثيرٍ من الريبة في التعامل مع الانتهاكات الضخمة التي ارتكبتها المليشيات الحوثية والتي تسبَّتت في إفشال اتفاق السويد أو على الأقل عدم تنفيذ بنوده إلى الآن.