مشاورات جريفيث.. جولة افتراضية في رحلة البحث عن الحل السياسي
في الوقت الذي تفاقم فيه إرهاب المليشيات الحوثية الموالية لإيران، تواصل الأمم المتحدة الرحلة الشاقة الباحثة عن السلام في اليمن.
ففي هذا الإطار، عقد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث، مشاورات افتراضية واسعة النطاق، مع مئات الناشطين حول فرص وتحديات السلام في اليمن.
واستعرض جريفيث جهود الأمم المتحدة الجارية للتوسط بين الطرفين للوصول إلى السلام الشامل والمستدام.
وشارك في المشاورات 500 شخص، ثلثهم من النساء، من منظمات المجتمع المدني، و60% منهم تحت سن 41 عاما.
وطرح المشاركون أفكارهم حول إمكانية وقف إطلاق النار ومستقبل عملية السلام السياسي والإجراءات الإنسانية والاقتصادية الرئيسية اللازمة للتخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن، وتحسين استجابة البلاد لتفشي فيروس كورونا.
وقال المبعوث الأممي، في بيان، إنّ الغالبية العظمى من المشاركين عبروا عن قلقهم البالغ إزاء انتشار فيروس كورونا.
وأضاف أنّ 95٪ وافقوا على أن وقف إطلاق النار الشامل ضروري للاستجابة الفعالة لتفشي فيروس كورونا.
وأوضح أنّ كثيرين وصفوا الوضع بأنه "كارثي"، مؤكدًا أنّ 62٪ من المشاركين بينوا خطر تفشي المرض بتأثير الحرب ووافقوا على أن "اليمن يعاني من فيروسين: "الحرب وكورونا".
وتعهد جريفيث بمتابعة التواصل مع المجموعات والمواطنين عبر الإنترنت لإبلاغ المقترحات والاستراتيجيات للتوصل إلى السلام الدائم في اليمن.
وعبر عن امتنانه للمشاركين في هذه المشاورات بصراحة وأمانة للدفاع عن احتياجات مجتمعاتهم وأولوياتهم.
جاء هذا في محاولة من المبعوث الأممي مارتن جريفيث لجمع الشمل من أجل التوصُّل لحل سياسي، إلا أنّ هذا المسار سيظل هشًا طالما أنّ الأمم المتحدة لم تلزم المليشيات باحترام أي هدنة أو اتفاقات يتم التوصّل إليها.
وقبل أيام، كشف جريفيث عن استمرار المفاوضات للاتفاق على وقف إطلاق النار، وقال إنّ المفاوضات تشمل عدة إجراءات إنسانية واقتصادية لدعم قدرة اليمن على مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، والاستئناف العاجل للعملية السياسية.
وفيما يمنح تصريح جريفيث مزيدًا من الآمال نحو الحل السياسي وبالتالي منح الحرب استراحة طال انتظارها، فلا تجب الثقة كثيرًا في مثل هذه التحركات، لا سيّما أنّ الأمم المتحدة لا تملك نتائج مبشرة في التعامل سياسيًّا مع الأزمة المعقدة.
وفيما ينتظر ملايين السكان أن تتوّج جهود الأمم المتحدة بإحلال السلام، إلا أنّه لا يمكن التعويل كثيرًا على هذه الخطوة بالنظر لما أقدمت عليها المليشيات الحوثية على مدار السنوات الماضية من جرائم وانتهاكات أطالت أمد الحرب.
وارتكبت المليشيات الحوثية المدعومة من إيران الكثير من الجرائم ضد الإنسانية التي كبّدت المدنيين أبشع وأفدح الأثمان، في وقتٍ مارس فيه المجتمع الدولي صمتًا مرعبًا وتساهلًا مريبًا، مكّن المليشيات من التمادي في جرائمها.
ويُنظر إلى اتفاق السويد بأنّه الدليل الأكثر وضوحًا حول هذه الحالة من العبث، فعلى الرغم من مرور أكثر من عام على توقيع الاتفاق “ديسمبر 2018” وفيما قد نُظِر إليه بأنّه خطوة أولى على مسار الحل السياسي فإنّ المليشيات الحوثية ارتكبت أكثر من 13 ألف خرق لبنود الاتفاق.
لا يقتصر الأمر على هذا، بل تغاضت الأمم المتحدة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تجبر المليشيات الحوثية على الانخراط في مسار السلام من أجل وقف الحرب وإنهائها، وهو ما تسبّب في تعقد الأزمة وتكبيد المدنيين كثيرًا من الأثمان الفادحة.