همس اليراع
عندما يموت صناع المعرفة
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
عشرات الأسماء من النخبة الأكاديمية تغادر عدن وجامعتها وأسرتها الأكاديمية ومستشفياتها وكلياتها ومراكزها العلمية والبحثية، الرسمية والأهلية، في إطار مهرجان الموت الذي يخيم بشبحه المرعب على كل الأوساط والبلدان من أقصى العالم إلى أقصاه، ولم يتسع الوقت لكتابة رسائل العزاء وبيانات النعي وتبيين سجايا ومؤهلات وخصال هؤلاء الأبطال الصامتون، وأدوارهم في خدمة العلم والمعرفة وصناعة الوعي للإجيال المستقبلية.
تلقيت بالأمس بحزن شديد نيأ وفاة أخي ورفيقي وصديقي وزميل دراستي الدكتور مطلق مسعد علي أستاذ الفلسفة بكلية الآداب بالجامعة، وتلاه اليوم نبأ وفاة الزميل والأستاذ والرفيق والصديق الدكتور ناصر علي ناصر الكازمي أستاذ الفلسفة أيضا والنائب السابق لرئيس الجامعة.
كنت أقرأ للزميلين في الصحف والمجلات الأكاديمية قبل أن أتعرف عليهما في أكاديمية العلوم الاجتماعية في العاصمة البلغارية الجملية صوفيا، حينما جاءا لاستكمال الدكتوراه في العلوم الفلسفية وكنت حينها طالبا في السنتين الثالثة والرابعة في قسم الفلسفة بالأكاديمية.
وتمر الأيام وتقلباتها بخيرها القليل وشرورها الكثيرة لنلتقي مرة أخرى كزملاء في الهيئة الأكاديمية للجامعة ونتبادل الفكرة والخاطرة والمعرفة وإن على خفيف عبر المطبوعات والدوريات الجامعية نظراً لتباعد الأمكنة وتعقيدات الأزمنة.
أعتذر لجميع ضحايا كورونا البغيضة، وذويهم فكل منهم يستحق وقفة خاصة تحية وإجلالاً وعرفاناً ووفاءً واعترافا بما قدموه لهذا البلد الذي يندر فيه الاعتراف بحق العلم والعلماء، وقد حاولت تناول البعض وتقديم المواساة لأهلهم وذويهم وزملائهم، لكن توقفي عند الزميلين د. مطلق ود. ناصر ليس تمييزاً لهما وإنما من وحي ألم اللحظة وذكريات الزمالة والهم الفلسفي المشترك ومعاناة الاغتراب وتقاسم الألم والبهجة والاغتباط بالنجاح والوجع المصاحب للانكسارات التي رافقت طريقنا.
إنني أحتاج إلى عشرات الصفحات لتناول خصال وسجايا وأدوار ومزايا الزميلين الفقيدين مطلق وناصر لكنني سأكفكف حزني وأتوجه بصادق مشاعر العزاء والمواساة لأسرتيهما أولاً ولأهلمهما وذويهما ومحبيهما ثانياً، وإلى الوسط الأكاديمي الجنوبي وكل منتسبي كلية الآداب وجامعة عدن، أساتذةً ومدرسين وطلاباً وباحثين وعمالاً وإلى كل من يعزان عليه ويتألم لفراقهما.
ناما بسلام وسكينة أيها العزيزان، في ملكوت الرحمة والكرم الإلهيين عند أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
لكما الخلود في جنات النعيم ولذكرياتكما المجد في سفر العلم والمعرفة وفي ذاكرة الأجيال.
إننا ميتون وإنكم ميتون وتبقى الذكرى العطرة والفعل الحسن وما يزرعه المرء من حب ومعرفة وقيمة لدى من أحبهم وأحبوه.
والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.