أهداف واحدة وراء تصعيد الشرعية وصواريخ الحوثي
رأي المشهد العربي
تصاعدت وتيرة إطلاق الصواريخ والطائرات الحوثية المسيرة من محافظات الشمال باتجاه المملكة العربية السعودية خلال الأيام الماضية والتي كان آخرها، صباح اليوم الثلاثاء، بعد أن أعلن التحالف العربي اعتراض وتدمير طائرات مسيرة باتجاه عسير، إلى جانب اعتراض صاروخ باليستي أطلقته مليشيات الحوثي الإرهابية من محافظة صعدة باتجاه مدينة نجران، وهو ما يبرهن على أن هناك رغبة في إشعال الأوضاع عسكريًا ومحو أي آثار لمحادثات وقف إطلاق النار.
إطلاق الصواريخ الحوثية المصنعة في إيران باتجاه المملكة العربية السعودية جاء في وقت صعدت فيه مليشيات الشرعية من جرائمها الإرهابية في محافظة شبوة، وشهدت الساعات الأخيرة العديد من الاغتيالات السياسية وقصف منازل المدنيين، بالتوازي مع تنفيذ عمليات اختطاف عشوائية بحق الأبرياء والمعارضين في المحافظة، وهو أيضًا ما يبدد أي محاولة للعودة إلى اتفاق الرياض في ظل وصول المال القطري إلى المرتزقة الإخوان في شبوة.
لا يمكن الفصل بين التصعيد من الناحيتين، لأن مليشيا الحوثي تستهدف التحالف العربي بشكل مباشر عبر إطلاق الصواريخ باتجاه المملكة العربية السعودية، وأن تلك الصواريخ ما كان بالإمكان إطلاقها بهذه السهولة إذا كان هناك تواجد لقوى الشرعية في جبهات الشمال، غير أن تسليم الجزء الأكبر منها للمليشيات الحوثية أعطى لها الحرية في استهداف التحالف ومحاولة إفشال خططه الساعية لإنهاء الأزمة الحالية.
وفي المقابل فإن الشرعية تقوم أيضًا باستهداف التحالف العربي ولكن بشكل غير مباشر في الجنوب، لأنها ترفض أن توجه سلاحها في وجه العناصر المدعومة من إيران، وكذلك فإنها تعمل على إفشال خطط التحالف الذي حاول أن يصوب أهدافها، وذهبت باتجاه إشعال الأوضاع في الجنوب من أجل عرقلة جهود المجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف العربي اللذين نجحا في تحرير محافظات الجنوب من المليشيات الحوثية.
في كلا الحالتين فإن هناك حبلًا سريًا يربط بين الشرعية والحوثي بما يؤدي لدفع الطرفين إلى استهداف التحالف العربي، باعتباره الطرف الأوحد الذي من مصلحته حل الأزمة الحالية، وأن ذلك الحبل يكمن في محور الشر "التركي القطري الإيراني"، الذي يعمل في الخفاء ويحرك دمى الشرعية والحوثي حيثما يشاء.
ولعل ما يبرهن على ذلك أن كلا الطرفين (مليشيات الشرعية والحوثي) يكملان بعضهما البعض، ففي حين يركز التحالف العربي جهوده للملمة صفوف الشرعية يقوم تيار قطر المهيمن عليها بتسليم جبهات الشمال، وحينما يركز التحالف العربي ضرباته على المواقع التي هيمن عليها الحوثي في أعقاب انسحاب الشرعية تذهب هي ذاتها للتصعيد في الجنوب، وهو ما يؤدي إلى خلق أزمات جديدة متتالية تستغرق وقتًا طويلًا لحين حلها، وفي النهاية تكون جميع الجبهات مفتوحة من دون وجود إمكانية للحل.
اشتعال الأوضاع العسكرية في مناطق مختلفة بالشمال والجنوب في وقت واحد يبرهن على أن هناك طرفا واحدا من مصلحته أن يحدث هذا التصعيد، مع تقديم التحالف العربي كل ما يثبت جديته في وقف إطلاق النار ومراعاة الأوضاع الإنسانية والصحية والاقتصادية الصعبة التي يعانيها المواطنون في ظل تفشي فيروس كورونا، غير أن تلاقي المصالح "القطرية التركية الإيرانية" في استمرار التصعيد استغلالًا لانشغال المجتمع الدولي بمجابهة الجائحة يرجح استمرار التصعيد على جبهات متعددة.