بعد الذي جرى في عدن اليوم
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
كان كاتب هذه السطور في منشور سابق قد أشار إلى أن بيان وزارة داخلية الدكتور بن دغر الصادر منذ يومين قد جاء كإعلان حرب لما تضمن من تهديد ووعيد بمواجهة أية فعاليات سلمية بالقوة المسلحة، واعتقد البعض أن البيان لم يكن إلا من باب قطع الطريق ومحاولة ترهيب المحتجين الذين ينوون إقامة فعالية سلمية تطالب بإقالة حكومة بن دغر لما أوصلت إليه البلد من تردي وانفلات وفساد بلغ مستوى الجريمة المتعمدة.
لا تسألوني ما هي جرائم حكومة بن دغر فكل قاصي وداني في اليمن شمالا وجنوبا يعرفها، وهي تشمل كل مجالات الحياة من تعطيل الخدمات إلى العبث بالموارد إلى تخريب التعليم إلى نهب رواتب الموظفين الحكوميين وتخريب البيئة وتلويث الأخلاق ووصل الأمر بها إلى نهب الإغاثات المقدمة من الأشقاء والأصدقاء وبيعها في السوق السوداء، لكنني سأشير هنا إلى أن بن دغر حول أكثر من خمسة مليار ريال يمني إلى دولارات وهربها إلى الخارج، وأمر بصرف نصف مليار ريال لرفاقه من أنصار عفاش الهاربين من بطش شركائهم في الانقلاب على الحكومة الشرعية من موارد عدن ولم يصرف ثُمن أو عُشر هذا المبلغ لعلاج جرحى المقاومة أو لتحسين الخدمات البلدية في عدن.
وعندما خرج أبناء عدن والجنوب للاحتجاج على ممارسات وفشل هذه الحكومة الفاسقة جاءت الحركة المتهورة التي أقدمت عليها حكومة بن دغر بقطع الطرقات ومواجهة المواطنين المحتجين سلميا بالرصاص الحي وقتل وجرح العشرات منهم في محاولة لمنع الكثير منهم من الوصول إلى ساحة الاعتصام في خور مكسر وهي الساحة التي شهدت مئات الفعاليات السلمية المؤيدة لمختلف القوى السياسية بما في ذلك المؤيدة للشرعية ولم يعترض عليها أحد ناهيك عن إنها لم تواجه بالرصاص الحي.
اليوم أكدت حكومة بن دغر ووزير داخليته أنها فعلا تتضمن تلاميذاً أوفياءً لمدرسة عفاش مع فارق أن هؤلاء التلاميذ يتصفون بالحماقة والتهور والغباء، وقد قال كثيرون أنه وبمجرد تعيين هؤلاء في مناصبهم أن البلد قادمة على كارثة، لكن البعض ومنهم كاتب هذه السطور كان يعتبر هذا نوع من التشاؤم المبالغ فيه بيد إن الممارسة أثبتت صحة هذا التقييم.
الرئيس هادي الذي أعلن بيانا المجلس الانتقالي والمقاومة الجنوبية مناصرة شرعيته وطالباه بإقالة الحكومة الفاسدة لم يتفاعل مع هذا المطلب الذي يعبر عن موقف ستة ملايين جنوبي، وفضل (الرئيس) التباطؤ وربما الاحتفاظ بالفاسدين الذين غدوا اليوم مجرمين، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا سيفعل الرئيس هادي إزاء جريمة اليوم؟ هل سيغض النظر عن هذه الجريمة ويكافئ المجرمين على ما أنجزوه من احتراف في هذه الجريمة أم أنه سيقيلهم ويقدمهم للمحاكمة؟ الخيارات مفتوحة أمام رئيس الجمهورية وهو يعلم أن أنصاره الذين يتنمرون على الشعب الجنوبي كانوا حتى إعلان الانقلاب عليه، في صف الانقلابيين وشاركوا في ملاحقته والشماتة به وهم اليوم يقتلون من ناصروه وهزموا أعداءه فهل سيختار الشعب الذي دافع عنه وأعاده إلى السلطة أم من طاردوه ومكروا به وتخلوا عنه في أحرج الظروف ثم لجأوا إليه بعد العاصفة وعيونهم على الغدر به واحتلال موقعه من جديد إذا ما أتيح لهم ذلك؟