صفقات تبادل الأسرى.. قراءة في التقارب الخبيث بين الحوثي والشرعية
يومًا بعد يوم، يُفتضح أمر حكومة الشرعية وينكشف حجم علاقاتها المشبوهة التي تجمعها بالمليشيات الحوثية، على نحوٍ مثَّل غدرًا بالتحالف العربي.
وتمثّل صفقات الأسرى واحدة من السبل التي توطّد العلاقات بين الشرعية والحوثيين، في وقتٍ يُفتَرض أن تكون بوصلة الحكومة المخترقة إخوانيًّا تتجه نحو محاربة المليشيات عملًا على تحرير أراضيها، لكن الشرعية تسير عبثًا في الاتجاه المقابل.
وشهدت الفترة الماضية تكثيفًا في التقارب بين الحوثي والشرعية عبر صفقات الأسرى، أحدثها ما أعلنت عنه المليشيات - في صفقة مشبوهة - قائلةً إنّه تمّ تحرير 10 من أسراها في محافظتي مأرب وشبوة.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه المليشيات الحوثية أنّ تحرير الأسرى جاء وفقًا لعملية تبادل مع الشرعية، إلا أنّ الحكومة الإخوانية مارست تعتيمًا على الأمر، كما لم يكشف الطرفان أي تفاصيل للعملية، وعدد أسرى الشرعية المفرج عنهم، في مؤشر على إطلاق سراحهم بدون مقابل.
الفترة الماضية كانت شاهدةً على العديد من صور التقارب بين حكومة الشرعية والمليشيات الحوثية، على نحوٍ يمكن القول إنّه يمثّل طعنات غادرة من هذه الحكومة ضد التحالف العربي.
العلاقات الخبيثة بين الحوثي والشرعية لم تقتصر على تبادل الأسرى، إلا أنّ الأمر وصل إلى حد الانشقاقات، حيث انتقل الكثير من العناصر الإخوانية طوال الفترة الماضية إلى مناطق الحوثي، وانضموا إلى صفوف المليشيات.
وفي أحدث هذه الانشقاقات، انضم القيادي الإخواني فواز مثنى الجبري قبل أيام إلى صفوف الحوثيين، حسبما أعلن عضو ما تُسمّى لجنة المصالحة الوطنية التابعة للمليشيات المدعو محمد البخيتي الذي نشر صورةً عبر حسابه على "تويتر"، مع الجبري الذي كان يعمل في قوات الاحتياط بمأرب، وأربعة عائدين من الملتحقين بالقيادي الإخواني محمد علي الخزاعي، ثلاثة من اللواء ٣١٤ مأرب، والأخير من اللواء ١٦٣ شبوة.
ويمكن القول إنّ إقدام قيادات وعناصر حزب الإصلاح المخترق للشرعية على الانضمام لصفوف المليشيات الحوثية، أمرٌ يعكس حجم العبث الإخواني الذي يُسيِّر المشهد، وأنّ هذا الفصيل المخترق لحكومة الشرعية لا تشغله مواجهة الحوثيين، بل يملك علاقات مشبوهة مع المليشيات.
لا يقتصر الأمر على ذلك، فمن بين أدلة التقارب بين هذين الفصيلين، أنّ المليشيات الحوثية وظّفت في الأيام الماضية، كتائب إلكترونية لخدمة المليشيات الإخوانية التابعة للشرعية.
ووجّهت المليشيات الحوثية "الذباب الإلكتروني" بإنشاء حسابات وهمية بأسماء جنوبية، وهذه العناصر يقودها الإعلامي الحوثي عبدالرحمن العابد الذي يعمل على ترويج الشائعات وإثارة المناطقية بين أبناء الجنوب.
التعليمات الجديدة للذباب الحوثي تضمّنت مهاجمة التحالف ومؤازرة سياسة الإخوان في الجنوب، حيث تولي المليشيات الجانب الدعائي في مواقع التواصل الاجتماعي أهمية كبيرة لخدمة أجندتها السياسية والفكرية.
كل هذا العبث الذي ينفّذه إخوان الشرعية أضرّ كثيرًا بالتحالف العربي، لا سيّما أنّ الشرعية عملت على تسليم الحوثيين مواقع استراتيجية وكذا تجميد جبهات حيوية، وهو ما أدّى إلى عرقلة حسم التحالف للحرب.
أمام كل ذلك، فقد أصبح لزامًا العمل على استئصال النفوذ الإخواني من معسكر الشرعية بشكل كامل، وهو أمرٌ يتحقّق بموجب اتفاق الرياض الذي تخطّى ثمانية أشهر على توقيعه ولا يزال يرواح مكانه بسبب الخروقات الإخوانية المتواصلة.