الجنوب شوكة في ظهر المشروع الإيراني بالمنطقة
رأي المشهد العربي
لا يمكن الفصل بين ما تشهده العاصمة اللبنانية بيروت من كارثة إنسانية على وقع انفجار مرفأ بيروت، وبين حضور المليشيات الإيرانية المتنامي في المنطقة العربية، ومدى إمكانية تكرار ما جرى في لبنان في أي من الدول التي تتواجد فيها هذه المليشيات، وفي القلب منها اليمن، في ظل هيمنة المليشيات الحوثية على مواقع عديدة في الشمال، ما يفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول الأطراف القادرة على مواجهة المشروع الإيراني.
تمكنت مليشيات إيران في لبنان متمثلة في حزب الله في أن تهيمن على السلطة وبالرغم من خروج مئات الآلاف من المواطنين إلى الشوارع مطلع العام الجاري للمطالبة بتغيير السلطة الحاكمة غير أن نفوذ المليشيات بدى أقوى من الرغبة الشعبية الجامحة، لأنها تعاملت مع المدنيين العزل بقوة السلاح، واستخدمت قوتها العسكرية لضمان موقعها السياسي بعد أن سمحت في تغيير شكلي في الوجوه من دون أن تغييب الهيمنة الإيرانية.
بالنظر إلى الحالة اليمنية فإن المليشيات الحوثية المدعومة من إيران انقلبت على الشرعية بقوة السلاح قبل ستة أعوام، غير أنها لقيت مساعدة من الشرعية ذاتها التي يهيمن عليها مليشيات الإخوان وبالتالي فإنها استطاعت أن تتمدد في محافظات الشمال على وقع عمليات تسليم وتسلم الجبهات بينها وبين تنظيم الإخوان الإرهابي الذي اختطف القرار داخل الشرعية، غير أن التمدد الحوثي وقف عند حدود محافظات الجنوب بفعل بسالة القوات المسلحة الجنوبية.
لم تستطع المليشيات الحوثية أن تخترق جبهة شمال الضالع منذ أكثر من عامين، بل أنها تتعرض لهزائم يومية على يد أبناء الجنوب، بالإضافة إلى سيطرتها في السابق على بعض محافظات الجنوب لم تستمر سوى أشهر قليلة قبل أن يجري تطهيرها، الأمر الذي يجعل من النموذج الجنوبي في مواجهة المشروع الإيراني أمرًا قابلًا للتطبيق في البلدان التي تمددت فيها المليشيات الإيرانية.
تدرك العناصر المدعومة من إيران أن الجنوب بمثابة شوكة في ظهر المشروع الإيراني الذي يقوم على التمدد والتوسع أفقيًا ورأسيًا، بعد أن استطاعت القوات المسلحة الجنوبية هزيمة هذا المشروع وكبدته خسائر فادحة، وذلك لأن خسارتها عسكريًا في الجنوب تعني أن المليشيات التي تتواجد في الساحل الغربي والشمال مهددة في أي وقت حال صوبت الشرعية سلاحها باتجاه الحوثيين.
وبالتالي فإن إيران ومن خلفها قطر وتركيا يتحالفون على إفشال اتفاق الرياض، والحيلولة دون تطبيق أي من بنوده، إيمانًا بان الاتفاق يؤدي إلى هزيمة حتمية للمشروع الإيراني والأجندة القطرية التركية.
ويعول تنظيم الإخوان الإرهابي، على إسقاط الاتفاق ووأده خلال الفترة المقبلة، عبر الضغط على حكومة الشرعية، وافتعال الخروقات لوقف النار في محافظة أبين، وتعطيل المسار التفاوضي.