مرتزقة الشرعية في مواجهة القوات المسلحة الجنوبية
رأي المشهد العربي
لجأت الشرعية مؤخرًا إلى الزج بالمرتزقة الذين دربتهم داخل معسكرات تعز ومأرب إلى محافظتي شبوة وأبين في خطوة تؤكد أنها مازالت تتمسك بإشعال الجبهات الجنوبية بدلًا من المساعدة في تنفيذ الشق السياسي لاتفاق الرياض، غير أن هذه المرتزقة ستكون في مواجهة القوات المسلحة الجنوبية التي استطاعت أن توقف محاولات اختراق العاصمة عدن أكثر من مرة.
تعوّل الشرعية على المرتزقة في إحداث تغيير عسكري على أرض الواقع، وفي المقابل فإن هناك قوات مسلحة جنوبية لديها تسلسل عسكري وقوة منظمة تتعامل مع الخروقات اليومية التي ترتكبها الشرعية في أبين، وتُظهر قوتها حينما تقتضي الضرورة ذلك ما يظهر من خلال الرد القوي الذي توجهه إلى المليشيات كلما حاولت التصعيد في أبين.
هناك فارق كبير بين الشرعية التي أضحت تعتمد على المرتزقة بعد أن فككت قوات الجيش لخدمة المشروع الحوثي الإيراني وبين المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أسس قوات مسلحة تعتمد على مجموعة من خيرة أبناء الجنوب وأضحت هذه القوات تشكل ركيزة أساسية لتأمين إقامة دولة الجنوب في المستقبل، وبالتالي فإن الانتصار في المعركة حال اندلاعها مجددًا سيكون محسومًا لأبناء الجنوب.
يسير تيار الإخوان المهيمن داخل الشرعية على نفس طريق القوى الإقليمية التي تقدم إليه الدعم، وعلى رأسها قطر وتركيا، بعد أن أضحت هذه القوى تعتمد بالأساس على المرتزقة لمحاولة تغيير الأوضاع العسكرية في بلدان عربية مختلفة، غير أن ذلك يبرهن على أن جيش الشرعية سيكون بمثابة "جيش مرتزقة" تتحكم فيه الأموال التي تأتي من الخارج لتوجيهه يمينًا ويسارًا، الأمر الذي يعجّل بسقوطه لا محالة لأن عدم وصول المال لأي سبب من الأسباب سوف يعني عدم وجود جيش من الأساس لأن هذه العناصر سوف تفر هاربة.
في المقابل فإن الدفاع عن القضية الجنوبية والسعي نحو استعادة دولة الجنوب بمثابة عقيدة راسخة لدى القوات المسلحة الجنوبية التي استطاعت أن تثبت للعالم أجمع أنها قادرة على هزيمة المليشيات الحوثية وكذلك مليشيات الشرعية في وقت واحد وعلى جبهات مختلفة ومن دون أن تخسر مواقعها التي تسيطر عليها خلال هذه المواجهات.
نجاح القوات المسلحة الجنوبية أفسح المجال أمام المجلس الانتقالي لأن يحوز على شرعية واعتراف دوليين، لأنه يعبر عن قوة شعبية وعسكرية موجودة على الأرض، إلى جانب أن القوات المسلحة الجنوبية سيكون عليها أدوار أكبر للحفاظ على الأمن القومي العربي في ظل التهديدات الإقليمية التي تتزايد وتيرتها رغبة في السيطرة على المناطق الجنوبية الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
إقدام الشرعية على الزج بمزيد من المرتزقة إلى الجنوب هدفه الأساسي استمرار المناوشات التي تجري حاليًا لعرقلة تنفيذ اتفاق الرياض، لكن من دون أن تشكل عاملا محوريا في تغيير القوى العسكرية على الأرض، لأن ما يسمى بقوات الجيش جرى تفريغها إما بفعل فاعل بعد أن سلمت الشرعية الجبهات والمال والسلاح إلى الحوثي، أو لهروب العديد من العناصر التي كانت تقاتل باسمه.