إحاطة جريفيث وتعقيدات اليمن.. كيف ولّدت اليأس؟
كما كان متوقعًا، أثارت اللهجة الدبلوماسية التي تحدّث بها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث الكثير من الانتقاد، بعدما استخدم ما يمكن اعتبارها لغة ناعمة في تعامله مع المليشيات الحوثية وخروقاتها على الأرض.
جريفيث كان قد شارك في جلسة عقدها مجلس الأمن هذا الأسبوع عن الوضع في اليمن، وقد جدّد فيها استخدام عبارات لا يمكن أن تغني أو تثمر من جوع، بعدما اتبع دبلوماسية ناعمة اكتفت بالإعراب عن القلق أو الغوص في توجيه تحذير.
جريفيث في كلمته أعرب عن قلقه ومخاوفه من انزلاق اليمن بعيدًا عن طريق السلام، داعيًا المجتمع المدني إلى لعب دور محوري في الضغط للوصول إلى حل سلمي.
وأكّد المبعوث أنه بالرغم من سوء الوضع، إلا أن هناك فرصة متاحة أمام أطراف النزاع في اليمن لإنهاء الصراع، وشدَّد على أنَّ بمقدور أطراف النزاع اختيار تصعيد العنف وزيادة وطأة المعاناة الإنسانية، أو تقديم التنازلات الضرورية لإحياء العملية السياسية.
وقال جريفيث إن انتهاكات وقف إطلاق النار في الحديدة تتواصل يوميًا، ونبه إلى أن سقوط مأرب يعقّد أي حل سياسي، مؤكدًا أنّ انهيار الوضع الميداني في اليمن يقوض العملية السياسية الشاملة.
وعبّر عن قلقه من قرار مليشيا الحوثي إغلاق مطار صنعاء أمام الإمدادات الإنسانية، متطلعًا إلى بحث ملف تبادل السجناء في سويسرا الأسبوع المقبل، وأوضح أنه ينخرط في نقاشات مع المجتمع المدني حول مفاوضات الإعلان المشترك، لضمان شمول المجتمع المدني بشكل حقيقي في العملية السياسية المستقبلية.
إحاطة جريفيث في جلسة مجلس الأمن، أثارت بحسب صحيفة الشرق الأوسط، انتقادات شعبية، حيث اعتبرها نشطاء "ناعمة" تجاه مليشيا الحوثي، وتصعيدها في محافظة مأرب التي قصفت مخيمات النازحين بالصواريخ والطائرات المسيرة.
وبحسب الصحيفة، سادت حالة القلق واليأس في لهجة جريفيث خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، مشددة على أنه اكتفى بوصف المعارك في مأرب بأنها تقوض عملية السلام.
تصريحات جريفيث يمكن القول إنّها تتناغم مع السياسة الأممية في التعاطي مع الأزمة اليمنية، وهو تعاطي يقوم على الاكتفاء بإطلاق التصريحات من دون الإقدام على اتخاذ خطوات عملية تثري عملية السلام على الأرض.
الدور الذي يلعبه جريفيث يظل منقوصًا دائمًا في ظل عدم اتخاذ إجراءات رادعة من شأنها أن تجبر المليشيات الحوثية على الانخراط في مسار السلام.
وطوال الفترة الماضية، أجهض الحوثيون الكثير من المحاولات الأممية للتوصّل إلى حل سياسي، تعبيرًا عن مساعي المليشيات الخبيثة نحو إطالة أمد الحرب، باعتبار أنّ بقاءها مرتبط بشكل أساسي باستمرار الحرب بتعقيداتها الراهنة.
ويمكن القول إنّ الأمم المتحدة تلعب دورًا منقوصًا دائمًا في ظل عدم اتخاذ إجراءات رادعة من شأنها أن تجبر المليشيات الحوثية على الانخراط في مسار السلام.
ومن أجل وقف الحرب أو على الأقل منحها استراحة إنسانية حقيقية طال انتظارها، فقد بات لزامًا على الأمم المتحدة أن تُقدِم على اتخاذ إجراءات رادعة تلزم المليشيات باحترام هذا المسار بعدما طال أمد الحرب على نحو لا يُطاق.