حرب المخدرات

منذ العام ٢٠١٥م وخصوصاً بعد دحر المليشيات الانقلابية من معظم الأراضي الجنوب، توالت الأخبار التي تتحدث عن ضبط كمية من المخدرات هنا وكمية اخرى هناك، ولئن كنت قد ذكرتُ في احد منشوراتي نقطة دوفس في مديرية زنجبار بمحافظة ابين فلأن اسمها قد اقترن بعشرات المرات التي تم فيها ضبط عمليات التهريب والقبض على المتورطين فيها، لكن هذا لا يمثل استنقاصاً من الأدوار المتعددة لكافة مكونات الشبكة الامنية الجنوبية في خوض هذه المعركة غبر المتكافئة مع حيتان التهريب وعتاولة الاتجار بالارواح والعقول.
العملية الأخيرة التي تم ضبط كمية ثلاثة اطنان من بودرة المخدرات في ميناء الحاويات بعدن كانت قمة جبل الجليد الذي قد يكون أكبر وأوسع وأعمق حجماً مما ظهر على ظهر السفينة، وهو ما يؤكد أن جبهة المخدرات هي الجبهة الرابعة من جبهات الحرب على الجنوب، بعد حرب القصف والتفخيخات وحرب الخدمات وحرب التجويع وقطع المعاشات، مما يعكس ضخامة التحدي وجسامة المعركة امام الشعب الجنوبي وقواه الحية.
حقيقة تكرار اكتشاف عمليات التهريب في مناطق الجنوب بعد العام ٢٠١٥م لا يعني أن تلك العمليات لم تكن تتم قبل تلك الهزيمة إذ إن الشواهد تقول ان تجارة المخدرات في عدن والجنوب تعود إلى ما بعد ٧/٧ /١٩٩٤م أما لماذا لم تكشف قبل 2015م فلأن من ينبغي ان يكشف عنها كان حاميها وممولها والمستثمر فيها، فالمجرم لا يمكن ان يكشف عن جريمته وعن نفسه.
والحقيقة الثانية أن كشف حالات التهريب هذه لا يعني إسقاط المهربين والتجار بالضربة القاضية ولا حتى بالنقاط، فمن المتوقع أن ما تم كشفه لا يمثل سوى أذن الجمل الذي ما يزال يواصل رحلته على طول وعرض الجنوب وفي بلدان الجوار التي ينبغي أن تتحمل مسؤوليتها في هذه الحرب
والحقيقة الثالثة إن حرب المخدرات ما تزال في بدايتها رغم مرور ربع قرن على انطلاقها، وهي جزء من الحرب الكلية متعددة الأوجه والجبهات على الجنوب، ولن تنجح مقاومة الجنوبيين في هذه الحرب إلا بتكاتف الجميع بما في ذلك المواطنين ومراكز الإعلام ومنابره ، ولا نعفي الأشقاء في دول التحالف العربي وبالذات قوات الواجب السعودية التي نتمنى ألا يقتصر دورها على حضور حفلات إحراق المهربات ونشر الأخبار عن المشاركة في النجاحات.
* * *
رسالة بن دغر التي نشرها على بعض المواقع الإعلامية وعلى شبكة مواقع التواصل الاجتماعي والتي يشكو فيها من الظلم الذي يتعرض له المؤتمر الشعبي العام (فرع الرياض) في إطار تشكيل حكومة الكفاءات، التي لم يقل فيها بالضبط من هو الظالم، تبين أن مراكز القوى ما زالت عند نقطة 2011م أثناء تشكيل حكومة الوفاق برئاسة طيب الذكر المناضل محمد سالم با سندوه، تتنازع على المناصب والمواقع والألقاب التي تستحوذ عليها وتديرها من مدن العالم المختلفة، بينما يستمر تعطيل الواجبات التي ينبغي أن يضطلع بها ألاف الموظفين الذين تم تعيينهم عن طريق التجييش بعد تولي بن دغر رئاسة الوزراء.
أتمنى أن لا تكون هذه الرسالة عبارة عن مشروع اتفاق غير معلن بين خاطفي الشرعية لتعطيل تشكيل حكومة الكفاءات والتذرع بالمظلومية وعدم الإنصاف في تقاسم كعكة لم يهيأ من مكوناتها إلا الوعاء فقط.