تعددت الأسباب وخسة الشرعية واحدة
رأي المشهد العربي
فتح تصعيد الشرعية الأخير في جبهة أبين، مساء أمس الاثنين، الباب أمام تساؤلات عديدة حول أهداف الشرعية من النبش في استقرار الجنوب ورغبتها في إثارة الفوضى في محافظاته، بالرغم من التزام الجنوب التام بضبط النفس وانتهاجه طريقًا سياسيًا يفضي إلى ترتيب أوراق المعسكر الذي يواجه المليشيات الحوثية، وذلك عبر اتفاق الرياض الذي مر عامه الأول من دون أن يرى النور على الأرض.
لهذا السؤال إجابات عديدة، على رأسها أن الشرعية تخشى قوة الجنوب الحالية لأنها تكشف خيانتها وفشلها في مواجهة المليشيات الحوثية، إذ أن نجاحات الجنوب في صد إرهاب العناصر المدعومة من إيران تنزل كالصاعقة على الشرعية التي تحاول تقديم حجج واهية للتحالف العربي بشأن خسارتها غالبية المواقع التي كانت تحت سيطرتها في الشمال، وبالتالي فإنها تصبح الطرف الأضعف في الأزمة اليمنية بما يهدد مستقبلها.
الإجابة الثانية، تكمن في أن القوات المسلحة الجنوبية استطاعت أن تحرر عددا من المناطق التي كانت واقعة تحت سيطرة مليشيات الإخوان ونظيرتها الحوثية، وبالتالي فإن هذه العناصر تبحث عن ردة فعل تضمن تحسين صورتها أمام أنصارها في ظل هروب عدد من قياداتها إلى محافظات الشمال ودول مجاورة، إضافة إلى أن عداء الجنوب يأخذ أبعادًا تاريخية في رغبة الشرعية السيطرة على مقدراته.
أما ثالث الأسباب فيتمثل في أن الشرعية أو ـ بمعنى أدق ـ تيارا داخلها رهن قراره بيد قطر انخرط بالفعل في تحالفات علنية وخفية مع المليشيات الحوثية، وأصبح الجنوب هدفًا مشتركًا بينهما مع انضمام التنظيمات الإرهابية الأخرى لذلك التحالف وعلى رأسها تنظيم القاعدة الذي يحاول حاليًا التغطية على ضعف الشرعية وترهلها على جبهات الجنوب، وذلك بتنسيق إقليمي يستهدف بالأساس إثارة الفوضى في الجنوب لتهديد الأمن القومي العربي.
السبب الرابع الذي يبدو واضحًا أمام العيان أن الشرعية ترغب في استمرار رهن قرارها بيد مليشيات الإخوان، وبالتالي فإنها تذهب في الطريق المعاكس لتنفيذ اتفاق الرياض الذي سيكون من أهم مكاسبه إنهاء سيطرة حزب الإصلاح على الحكومة، وهو ما يجعلها تحاول بكافة السبل جر الجنوب إلى الحلول العسكرية التي تضمن عدم إحراز أي تقدم للحل السياسي، وبما يضمن أيضًا استمرار الصيغة الحالية في علاقة الإصلاح مع الحوثيين.
السبب الخامس والذي يرتبط أيضًا باتفاق الرياض أن الشرعية تدرك أن وجود حكومة جديدة يعني أن فسادها وخيانتها سيكون ظاهرا للعيان وأن التغطية على تلك الممارسات الإجرامية حاليًا تعد أمرًا ممكنًا في ظل السيطرة الواسعة لتنظيم الإخوان، وهو أمر ليس من الممكن تحقيقه مستقبلًا، حال أضحى المجلس الانتقالي الجنوبي شريكًا في القرار السياسي، وستكون أذرعها مكشوفة وسيجري التعامل معها قانونًا لرد حقوق الأبرياء.