حكومة المناصفة ليست نهاية المطاف
رأي المشهد العربي
بعد أكثر من عام على توقيع اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية خرجت حكومة المناصفة إلى النور أخيرًا، وهو ما يفسر هذا القدر الهائل من الأجواء الإيجابية بعد أن عمدت الأطراف المناوئة للاتفاق بكافة السبل عرقلة تشكيلها، سواء كان ذلك عبر الأدوات العسكرية التي تمثلت في التصعيد العسكري ضد الجنوب، أو من خلال المراوغات السياسية التي طغت على المباحثات طيلة الأشهر الماضية.
حقق المجلس الانتقالي الجنوبي جملة من المكاسب بعد تشكيل الحكومة لأنه أضحى لديه شرعية معترف بها دوليًا، والأكثر من ذلك أنه سيكون مشاركًا بفاعلية في المؤسسات الحكومية في الجنوب والتي عانت من الإهمال المتعمد طيلة السنوات الماضية، كما أنه سيكون أمام فرصة ذهبية لوضع القضية الجنوبية على طاولة المجتمع الدولي بعد أن أصبح لديه حضور إقليمي قوي واستفادته من خبرات مفاوضات اتفاق الرياض التي لن تكون أكثر صعوبة من جهوده نحو استعادة الدولة.
وكذلك فإن الانتقالي استطاع من وراء مشاركته في الحكومة أن يؤكد للعالم أجمع أن هناك قوة فاعلة في الجنوب تمكنت من إحباط إرهاب التنظيمات الإرهابية والمليشيات الحوثية إلى أن وصلت لأن تكون جزءًا من سلطة اتخاذ القرار، ونجح في إثبات قوته العسكرية المنظمة التي تعاملت مع الممارسات الاحتلالية بحنكة على مدار السنوات الماضية، إلى جانب تأكيد فعاليته السياسية والدبلوماسية التي كانت عاملًا مهمًا في فرض الشق السياسي من الاتفاق.
يدرك المجلس الانتقالي أن الوصول إلى حكومة المناصفة ليس نهاية المطاف بل على العكس فإنها ستكون بداية لأدوار أكثر فاعلية على طريق استعادة الدولة، ولعل ذلك ما يجعل المجلس مصرًا على استكمال التزامات اتفاق الرياض وآلية تسريعه، ويحاول أن يؤمن المكاسب التي حصدها من أجل المضي قدمًا نحو الأمام وعدم السماح للأطراف المعادية بإعادة العجلة إلى الوراء مجددًا، ولعل ذلك يشكل الرهان الأكبر أمام المجلس خلال الفترة المقبلة.
من المتوقع أن يواجه الجنوب العديد من المؤامرات التي ستحاول إفشال وجوده في حكومة المناصفة وستعمد مليشيات الإخوان والتيار المحسوب على قطر على أن ينقل خلافاته مع المجلس الانتقالي الجنوبي إلى داخل الحكومة، وهو ما يتطلب حنكة سياسية لتفويت الفرصة على هذه المحاولات التي سيكون هدفها الأساسي إعلان فشل المناصفة والعودة إلى فرض الحلول العسكرية على الأرض مجددًا.
سيكون المجلس الانتقالي بحاجة إلى القوة الشعبية الجنوبية التي دائمًا ما تكون داعمة لخطواته، إذ أن أبناء الجنوب سيمثلون الطاقة الدافعة للقيادة الجنوبية نحو استعادة الدولة، بما يضيق الخناق على أي محاولات تخريبية، في ظل توقعات باستخدام أدوات التنظيمات الإرهابية للتعامل مع الإنجاز الحالي سواء كان ذلك من خلال الاغتيالات أو تنفيذ عمليات إرهابية، وهو ما يؤكد أن الوصول إلى تشكيل الحكومة الجديدة ليس نهاية المطاف وأن التعامل مع الاحتمالات المستقبلية يتطلب استعدادات أخرى يضعها الانتقالي في حسبانه.