في الذكرى الثالثة للحرب.. هل من منتصر ومهزوم؟!

الحرب دائماً ليست هي الغاية ، ولكنها وسيلة للدفاع عن النفس أو لصد معتدٍ أو لردع ظالم ، وإن اختلفت أسبابها .

وحينما تتحول الحروب  إلى أهدافٍ مفتوحة غير مقيدة بضوابط شرعية ومراحل زمنية ، فإنها تتحول إلى حروبٍ عبثية غير حاسمة ، ووسيلة للكسب الغير مشروع من البعض وعلى حساب مصالح الأمم والشعوب.

وفي الحرب اليمنية وبعد ثلاث سنوات من عاصفة الحزم التي انتقلت منذُ مايو 2015 إلى مسمى "الأمل" فطال انتظار الأمل أكثر من المفترض وأخذ زمنا بأضعاف مضاعفة لزمن العاصفة الأساسية.

لم يتمكن أي طرف من إعلان انتصاره الكامل والانتقال إلى السلام والاستقرار والتنمية وإعادة ما دمرته الحرب وألحقته من دمار وضرر في الإنسان والممتلكات.

نعم.. الجنوب انتصر كشعب ومقاومة وحراك من خلال واقعه الجديد الناتج عن ما بعد تحرير عدن والمكلا والمناطق التي باتت تحت سيطرة القوى الجنوبية ، بغض النظر عن من يوجه تلك القوى والمسميات أو أي خلاف في الآليات المتبعة في إدارة محافظات الجنوب.

غير أن تلك السيطرة الميدانية لم يواكبها انتصار سياسي حقيقي غير قابل للجدل الداخلي أو مع أطراف التحالف أو الرئيس هادي..كذلك لم يواكبه انتصار في البناء وإعادة الإعمار والاستقرار وبناء مؤسسات الدولة والنظام والقانون.

بل حدث العكس من ذلك فيما يلمسه الناس من معاناة في العديد من جوانب الحياة العامة..

بالمقابل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية حقق أهدافاً عديدة لعل أبرزها فرض هيبة السعودية ودورها الإقليمي كدولة محورية وقوة عسكرية فاعلة في المنطقة لا يمكن لأي طرف آخر تجاوزها ، بغض النظر عن الخسائر التي تعرضت لها والتي انعكست على وضعها الاقتصادي أو تهديد الصواريخ البالستية التي لم تسلم منها عاصمتها الرياض ولمرات عديدة.

كذلك الحال بالنسبة للإمارات العربية المتحدة ، فقد حققت حضوراً ربما لم تكن تتوقعه وخاصة في الجنوب ، وباتت تمتلك التأثير على القرار الخاص باليمن إلى جانب المملكة العربية السعودية ، بغض النظر عن المواقف التي تحولت ضد الإمارات حد وصفها بـ(الاحتلال) في الأشهر الأخيرة وهو تحولٌ ما كان له أن يحدث لو تم معالجة بعض الاختلالات في حينه.

أما حركة الحوثي فبرغم أنهم خسروا حربهم في الجنوب وبعض مناطق الشمال لكنهم ازدادوا قوة عسكرية وكسبوا كثيراً بالمقارنة مع وضع الحركة قبل الحرب والعاصفة ، وخاصة بعد تخلصهم من المشاكس القوي لهم الرئيس السابق صالح الذي اغتيل في ديسمبر الماضي 2017م.

وأخيراً فإن الشرعية ممثلة بالأخ الرئيس هادي ورغم أن انتصارها يعتبر معنوياً وليس فعلياً في الميدان الجنوبي الذي يشكل أكثر من 75% من مساحة الوطن ، فقد كسب الرئيس استمرار تأييد المجتمع الدولي له شخصياً ، وإن ظهرت بعض المؤشرات التي تشير عكس ذلك بسبب بقائه في الخارج أو عدم السماح له بالعودة وفقدانه السيطرة على قرار الداخل بعد تنصيب اللجنة الثلاثية والوضع الذي يعاني منه الجنوب وعدن بشكل خاص.

 

الخلاصة

 تبدُو مؤشرات الحسم غير موجودة في الواقع وهو ما دفع الأمير محمد بن سلمان ليصرّح في إحدى زياراته بأن الحرب باتت على وشك النهاية..

ولذلك هناك مؤشرات على السلام القادم ، فإن تحقق ذلك فسوف يفرز واقعاً جديداً أكثر ملائمة لتحقيق استقرار للوطن والمواطن بغض النظر عن صيغة الحل المؤقت.

كما أن ذلك السلام قد ينتج عنه حلاً للقضية الجنوبية عن طريق الحوار، وفي حال تعثر ذلك الحل والسلام واستمرت الحرب نتوقع أنها لن تتغير عن ما سبقها ، وإن حدث تقدماً للتحالف والقوى التي تقاتل تحت إمرته وباسم الشرعية فإنه سيظل تقدماً في بعض الجبهات دون حسمٍ كامل للمعركة.

أما الخاسر من انهيار السلام واستمرار الحرب للعام الرابع فهي (الشعوب) ، وكل مواطن صابر ليس لديه مصلحة من بقاء الحرب.

وعلى من يريد معرفة من هو المنتصر والخاسر الحقيقي فعليه زيارة المقابر والمستشفيات وتفقد أحوال الجرحى وأسر الشهداء والضحايا ومقارنة وضع الناس المعيشي وعدد من نزحوا بسبب الحرب وما حدث من دمار في البنية التحتية ومن يأكلون من براميل القمامة ومن تضررت منازلهم وممتلكاتهم المشروعة وليس المنهوبة ليعرف مقدار الانتصار من الانتكاسة! .