حكومة المناصفة أمام التحدي الأول

لم يكن الهدف من قصف مطار عدن ظهر يوم الأمس (الأربعاء 30/12/2020م) فقط قتل أكبر عدد من المواطنين والموظفين المحتشدين في مطار عدن، مغادرين أو مودعين أو مستقبلين، ولا تصفية الحكومة القادمة إلى عدن على متن طائرة اليمنية التي وصلت للتو من العاصمة السعودية الرياض، لم يكن ذلك هو الهدف الوحيد من عملية القصف، بل إن الهدف المرادف لذلك هو إيصال رسالة للحكومة ورئيسها، فحواها أن عليكم أن ترحلوا من عدن وتعودوا على أعقابكم من حيث أتيتم، فعدن ليست آمنة ونحن سنظل وراءكم أينما ذهبتم، وليس من باب الصدفة أن عمليات القصف تواصلت بعد وصول الحكومة إلى مقر إقامتها في قصر المعاشيق، وللعالمين بتفاصيل الجغرافيا والطبوغرافيا أن يحاولوا الإجابة على السؤال: لماذا انفجرت القذائف الأخيرة في البحر وفي منطقة القطيع بكريتر، وليس في المعاشيق نفسها؟

وبعبارة أخرى أن من خطط للتفجير (القصف) وأداره ونفذه، لا يريد لعدن الاستقرار ولا يريد لعجلة البناء والخدمات وتطبيع الأوضاع أن تستمر.
لندع هذا جانباً، ما يهمنا هنا هو التأكيد على التالي:

1. إن الحادثة يجب أن لا تمر مرور الكرام مثل سابقاتها، بل لا بد من تحقيق شفاف ودقيق يشارك فيه خبراء إقليميون ودوليون، للاستفادة من خبراتهم في الكشف عن دقائق وتفاصيل هذه الحادثة ومن يقف وراءها، وكل الحيثيات المتصلة ببقية تفاصيلها.

2. يجب إبلاغ الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي بنتائج التحقيق ليعرف العالم من يرفض الاستقرار ومن يضمر الشر لعدن والجنوب، ولليمن بطبيعة الحال، لأن الحادث تمتد آثاره إلى الأشقاء في كل محافظة يمنية وإن بشكل غير مباشر.
3. إن الحدث يمثل تحديا سافراً لحكومة المناصفة ورئيسها، وفحواه: إما إن تعودوا على أعقابكم من حيث أتيتم، وهذا ما يريده مدبرو القصف ومتبنوه وممولوه، وإما القبول بالتحدي والشروع في العمل من أجل الاضطلاع بالمهمات الكبيرة المنتصبة أمام كل وزير فيكم، وفي هذه الحالة ستكون آمال صانعي الحدث ومدبريه قد خابت وذهبت أدراج الرياح.
الشعب في عدن وفي كل الجنوب يتطلع إلى الاستقرار فحرب خمس سنوات منذ تحرير عدن والجنوب في يوليو 2015م لم تتوقف، وقد شملت حرب الخدمات وحرب التجويع وحرب المرتبات، فضلا عن افتعال المعارك المسلحة في مواقع لا علاقة لها بمواجهة الانقلاب ولا بالجماعات الإرهابية (الداعشية والحوثية) ، واليوم آن الأوان أن يتوقف هدير القذائف ليحل محله ضجيج المكائن والتراكتورات والبلدوزرات، ووورش العمل، وأن يتوقف صخب الشتائم عبر الفضائيات لحل محله ضجيج الأطفال والتلاميذ في المدارس ورياض الأطفال والطلاب في الجامعات.
الشعب يراهن على صمود حكومة المناصفة وقبولها بالتحدي وعدم الإنصات إلى أصوات المرجفين وهذيانات المشككين، فإن فعلتم فالشعب معكم بغض النظر عن خلفياتكم الحزبية والسياسية، وإن ظللتم تفتحون آذانكم للإملاءات القادمة من القيادات المعتقة التي أفلست في كل شيء وتصر على جركم وراءها في متاهات الإفلاس فالشعب هو من سيحكم عليكم.

* * *
• حسنا فعل رئيس الوزراء إن قام مباشرة بزيارة المستشفيات التي يرقد فيها ضحايا التفجير من الجرحى والمصابين، ففضلا عن المضمون الإخلاقي لهذه الزيارة فقد بعثت رسالة سياسية فحواها إن الحكومة لا تأبه لما يسعى إليه المرجفون والمتربصون.

• من غرائب التداعيات التي تلت حادثة القصف الصاروخي على مطار عدن، أن إعلاميي حزب الإصلاح وناطقيهم والمقربين منهم يصرون على أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي من يقف وراء التفجير، وحتى عندما اتهم البعض الحوثيين بالحادثة انبرى أحد المقربين من الإصلاح ليصر أن الحوثيين بريئين وأن الإمارات هي من نفذ العملية.
• وهذا ما يجعلنا نتساءل مع شركاء الشرعية الإصلاحيين: هل إنكم فعلا مشاركون في حكومة المناصفة التي يرعاها ويدعمها الأشقاء السعوديون والإماراتيون؟ أم إنكم تعملون بطريقة "عين باللحمة وعين بالطلي"؟ِ