عداء الجنوب.. عقيدة شمالية لا تمحوها حكومة المناصفة
في الوقت الذي أبدى فيه المجلس الانتقالي الجنوبي إصرارًا واضحًا على تنفيذ بنود اتفاق الرياض وإنزاله على الأرض لمواجهة المليشيات الحوثية التي تسطير على مناطق شمالية واسعة، فإن قوى شمالية عديدة لا ترى أمامها سوى عقيدتها المعادية للجنوب، بالرغم من أن الرئيس عيدروس الزُبيدي، أكد مؤخرًا على مساعدة اليمن الشمالي للتخلص من الإرهاب الحوثي.
كان متوقعا أن تساهم حكومة المناصفة في تهدئة سخونة الأوضاع في ظل تصعيد مليشيات الإخوان الإرهابية ضد الجنوب على مدار السنوات الماضية وتحديدا منذ محاولات الغزو التي جرت في أغسطس من العام 2019 وتعاملت معها القوات المسلحة الجنوبية ببسالة وانتهت بطرد المجاميع الإرهابية من العاصمة عدن ووصولا للتوقيع على اتفاق الرياض.
لكن ما يحدث على أرض الواقع يشي بأن هناك تحركات شمالية تأخذ طريقها للتصعيد خلال الأيام المقبلة ضد المحافظات الجنوبية، تحديدا مع استمرار التحشيد من تعز ومأرب إلى محافظة شبوة وفي ظل محاولة تصعيد الأوضاع في محافظة حضرموت، وبالتزامن مع دعوات قيادات شمالية تدعو إلى شن حرب جديدة ضد الجنوب، بالتزامن مع تعيينات مشبوهة للرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي الذي يحاول أن يستفز المجلس الانتقالي الجنوبي.
يرى مراقبون أن الشمال وجد نفسه في مأزق بعد تشكيل حكومة المناصفة لأن المحافظات الشمالية تقع غالبيتها تحت سيطرة المليشيات الحوثية بعكس الجنوب الذي تمكن من تحرير أراضيه من العام 2015، وبالتالي فإن هناك أطرافا عديدة تسعى لاستغلال العقيدة العدائية تجاه الجنوب من أجل شن حرب جديدة لا تجعل الشمال كطرف خاسر في الصراع بعد أن أضحى المجلس الانتقالي الجنوبي قوة عسكرية ودبلوماسية وسياسية لا يمكن الاستهانة بها.
كما أن هناك مصالح مشتركة بين قوى شمالية وبين المليشيات الحوثية والطرفان يسعيان للانقضاض على الجنوب، تحديدا وأن العناصر المدعومة من إيران غير قادرة على تحقيق اختراقات تذكر من جبهة الضالع، وبالتالي فإن التحالف بينهما يصب في صالح كل منهما، لكنه بالطبع لا يخدم جهود إنهاء الحرب الدائرة منذ ستة أعوام.
يرى مراقبون أن عملية الحشد نحو الجنوب، قبيل إطلاق الرئيس اليمني المؤقت، عبدربه منصور هادي، قراراته الأحادية بتعيين زمرة من الفاسدين والمجرمين في مناصب قيادية عليا بإيعاز من الإصلاح الإخواني للرئيس المتدثر بثوب الشرعية الذي خرقته قرارات ترضية عصابة الإخوان.
وطغت خلال اليومين الماضيين ملامح الموجة الثانية من الحشد، بدعوات صريحة لغزو الجنوب، كان من بين مروجيها مستشار الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، عضو مجلس الشورى، المدعو صلاح باتيس المقيم في تركيا، والمقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ولم يخجل باتيس عضو التنظيم الإخواني الدولي من دعوته، التي وصف فيها شعب الجنوب بالأعداء، وإنما زعم أن جيش عبدربه على أهبة الاستعداد، متغافلًا عن سيناريو الانسحابات المتواصل منذ ست سنوات، على الجبهات مع مليشيا الحوثي، أو ربما يتحدث عن مليشيات الإخوان الإرهابية التي تكدست في معسكرات منتشرة في عدة محافظات، بتمويل من تنظيم الحمدين، وبدأت تحضيراتها العسكرية في أبين بتعزيزات من مأرب عبر دفعات صغيرة منعًا لرصدها.