من الذي يبيع الوهم؟؟!!
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
ما إن تقرأ المنشورات والمقالات (والتحليلات) التي يتطوع بها بعض من يزعمون أنهم سياسيون ومثقفون وإعلاميون، ممن لا يروق لهم إصرار الشعب الجنوبي على الوصول بقضيته الجنوبية إلى مآلاتها النهائية ونشاط المجلس الانتقالي الجنوبي المنتصر لهذه القضية، ما أن تقرأ السطور الأولى من تلك المنشورات حتى تشعر بكمية الهلع والرعب والارتباك الذي يصيب هؤلاء من التقدم الذي تحققه الدبلوماسية الجنوبية تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ويعبر هؤلاء عن قلقهم وخوفهم وغيرتهم من هذه النجاحات عن طريق السخرية والازدراء أو الهنجمة والمهاجمة أو التلميح والتصريح.
وكان أطرف ما قرأته مما له صلة بزيارة وفد المجلس الانتقالي إلى روسيا الاتحادية، ما كتبه أحد المحسوبين على فئة المثقفين اليمنيين تحت عنوان "واهمون وناهبون ونائمون" قوله ما معناه أن روسيا لا تكره شيئا أكثر من التقسيم والانفصال، وإنها تقاتل منذ 30 عاما حفاظا على كيانها الاتحادي، لكن صاحبنا نسي أن روسيا هي من قبلت بتفكيك المعسكر الاشتراكي المكون من ست دول كانت تشغل نصف مساحة أوروبا وآسيا، وقبلت بتفكيك الاتحاد السوفييتي المكون من 15 جمهورية اتحادية سوفييتية كانت تمثل ثاني أكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم، ، فمن الواهم؟
المجلس الانتقالي الجنوبي يتبنى مطالب الجماهير الجنوبية التي دشنتها منذ المراحل الأولى بعيد اجتاح الجنوب وتدمير دولته في العام 1994م وانتقلت بها الثورة السلمية في العام 2007م إلى طور المواجهة المباشرة مع قوات الغزو والاجتياح والاحتلال وهو بهذا لا يبيع وهما ولا يراهن على صدقةٍ من أحد.
مطالب الجنوبيين ملخصها استعادة الدولتين الجنوبية والشمالية بحدود 21 مايو 1990م بالوسائل السلمية وعن طريق الحوار الثنائي الندي "الجنوبي-الشمالي" وبرعاية إقليمية ودولية، بالاحتكام إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة حول حق الشعوب في تقرير مصيرها واتفاقية فيينا بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
المجلس الانتقالي ومن ورائه ملايين الأنصار من المواطنين في كل محافظات ومديريات وبلدات الجنوب لم يوعد أحد بأنه سيأتي للجنوبيين بدولتهم من خلال عصا سحرية، وتبعا لذلك لم يقل رئيسه اللواء عيدروس الزُبيدي والوفود التي ترافقه في الزيارات الخارجية بأنهم ذهبوا ليعودوا بالدولة الجنوبية داخل حقيبة سمسونايت هدية من الدول التي يزورونها، بل إن المجلس يعلن لكل أنصاره ومؤيديه ومبغضيه أن الطريق إلى استعادة الدولة الجنوبية طويل ومتشعب وشائك، ومملوء بالمطبات والأفخاخ التي يتقن أعداء الجنوب صناعتها وزرعها، وتلغيم الطريق بها، لكن المجلس ومعه الشعب الجنوبي يؤمنان بحتمية بلوغ القضية الجنوبية هدفها الاستراتيجي المعلن وهو استعادة الدولة الجنوبية بحدود 21 مايو 1990م.
وهو (أي المجلس الانتقالي) يعلن لكل جماهيره ولكل الأصدقاء والخصوم، أن الشعب الجنوبي هو صاحب الحق في تحقيق هذا الهدف والوصول به إلى مآلاته النهائية بعد أن فقد شعبنا أي أمل في العيش تحت لواء نظام يقوم على الهيمنة والاستعلاء والتمييز والفساد وتعطيل كل ممكنات لبناء الدولة وتوفير العيش الكريم لأبناء البلاد التي يهيمن عليها أساطينه.
وطالما هناك من يتحدث عن الوهم والواهمين، فإن أكبر الأوهام هي تلك التي تقول أن "الوحدة المعمدة بالدم" قد حفظت اليمن من التشظي والتمزق ومن إراقة الدماء وإزهاق الأرواح، لأنه لا يوجد تشظي ولا تمزق ولا إراقة للدماء ولا إزهاق للأرواح أكبر مما قام به أدعياء الدفاع عن "الوحدة المعمدة بالدم " التي وأدوها بأيديهم وبتفكيرهم قبل دباباتهم ومدفعياتهم وفتاوي أساطين التكفير وإباحة هتك الأعراض والأرواح والدماء.
ومثل وهم "الوحدة المعمدة بالدم" يأتي الوهم الآخر هو وهم "دولة الأقاليم" أو "اليمن الاتحادي"، الذي يقاتل فيه نصف الأقاليم النصف الأخر، أو ثلثي الأقاليم الثلث الآخر.
وأخيرا: إن الدبلوماسية الجنوبية لا تنطلق من ثقافة التوسل والتودد أو "التجواه" (كما يقول الريفيون)، وبوس اللحى، ولا من منطلقات البيع والشراء كما اعتاد الكثير من اليمنيين أن يسمعوا ويقرأوا، بل إنها تنطلق من العديد من الاعتبارات المنطقية والسياسية والقانونية أهمها:
• عدالة ومشروعية القضية الجنوبية التي يقر بها الأعداء قبل الأصدقاء.
• الوثائق والمرجعيات والمعاهدات الدولية المتصلة بحق الشعوب في تقرير مصيرها بما في ذلك قراري مجلس الأمن الدولي رقمي 924، 931 لعام 1994م بشأن الحرب الشمالية الجنوبية في ذلك العام.
• احترام الموقف السياسي لكل الشركاء الدوليين ووضعهم أمام الحقائق التي يسعى البعض إلى التعتيم عليها أو القفز على مضامينها فيما يتعلق بقضية الجنوب وحقه التاريخي.
• الأهداف المشتركة في حماية السلام والأمن الإقليميين والدوليين، ومكافحة الإرهاب كخطر يهدد جميع الأمم والبلدان مهما صغٌرت أم كبُرت.
• المصالح المشتركة بين شعبنا الجنوبي وبقية شعوب البلدان التي يتعامل المجلس مع قياداها وأنظمتها السياسية.
• الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
أما الذين ينتظرون أوهاما ليتاجروا بها فعليهم البحث عنها في أماكن أخرى لكن ليس لدى شعب الجنوب وقواه السياسية الحية وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي.