أيام جريفيث الأخيرة.. ماذا قدّم المبعوث الأممي إلى اليمن؟
بعد أكثر من ثلاث سنوات قضاها في المنصب، يبدو أن أيامًا قليلةً تنتظر الدبلوماسي البريطاني مارتن جريفيث في موقعه مبعوثًا للأمم المتحدة إلى اليمن.
جريفيث الذي عُيِّن في هذا المنصب في مارس 2018، بصدد الإطاحة به، بحسب صحيفة فورين بوليسي الأمريكية، التي أكَّدت اعتزام الأمم المتحدة إعلان تعيين مارتن جريفيث بمنصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
والمنصب يضع جريفيث صاحب الـ 69 عامًا، على رأس أكبر وكالة إغاثة تابعة للأمم المتحدة، علمًا بأنّ هذا المنصب يقتصر على مواطني الدول الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن.
وأوضحت الصحيفة أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش تجاوز المرشح البريطاني الرسمي نيك داير، المبعوث البريطاني الخاص للوقاية من المجاعة والشؤون، مشيرة إلى أن بريطانيا كانت تفضله على جريفيث.
تعيين جريفيث في هذا المنصب الأممي الجديد ينهي حقبة الدبلوماسي البريطاني الذي لم ينجح في إحداث حلحلة سيايسة تُخمِد لهيب الحرب.
الأكثر من ذلك هو أنّ هناك الكثير من الانتقادات التي وُجّهت إلى الدبلوماسي الأممي الذي أظهرت مواقفه كثيرًا من التراخي أمام الحوثيين بشكل كبير.
من بين مواقف جريفيث التي أثارت جدلًا صاخبًا، هو رفضه تصنيف مليشيا الحوثي تنظيمًا إرهابيًّا، وهو ما قوبل بموجة غضب عارمة.
فبدلًا من أن يعمل جريفيث على إدانة جرائم الحوثيين ومدى وحشية الانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات الموالية لإيران، أعلن رفضه للخطوة الأمريكية المتمثلة في تصنيف الحوثيين تنظيمًا إرهابيًّا، وهي الخطوة التي كانت تسير في اتجاهها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قبل أن تتراجع عنه إدارة الرئيس الحالي جو بايدن.
موقف جريفيث على هذا النحو، وهو ما اعتُبر من بين علاقات التقارب بين الحوثيين والأمم المتحدة أمر يمثّل رخصة أممية للمليشيات من أجل أن تتمادى في إرهابها الغاشم وتواصل جرائمها المسعورة وهو ما يُكبّد المدنيين كلفة دامية شديدة البشاعة.
لم يكن هذا الموقف هو الوحيد من قِبل الأمم المتحدة، ففي وقت سابق سلَّمت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، سيارات إسعاف ذات دفع رباعي إلى وزارة الصحة في حكومة مليشيا الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران، في صنعاء.
اللافت أنه تم تقديم هذه السيارات رغم ما وصل إلى الأمم المتحدة من معلومات وتأكدها من عدم وصول تلك السيارات إلى المستشفيات الحكومية، وانما ذهبت لخدمة المقاتلين الحوثيين.
الدعم الأممي تجلّى أيضًا في واقعة توقيع مذكرة تفاهم بين منسقية الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ومليشيا الحوثي في صنعاء لإقامة جسر جوي لنقل جرحى الحوثيين إلى الخارج ولمدة ستة أشهر.
وتعمَّدت المنظمة الأممية السماح لأشخاص بالدخول إلى اليمن عبر طائراتها، رغم أنه لا توجد لهم صفة دبلوماسية أو إغاثية، وربما يكونوا خبراء عسكريين وخبراء تصنيع وتطوير أسلحة قدموا لمساعدة الحوثيين.
وبالتالي، إذا كانت الأمم المتحدة بصدد تعيين مبعوث جديد لليمن، فمن المؤكّد أنّه يتوجب عدم تكرار أخطاء المرحلة الماضية، فيما يخص ضرورة العمل تحديدًا على ممارسة أكبر قدر من الضغوط على المليشيات الحوثية بما يجبرها على الانخراط في مسار للسلام بما يخمد لهيب الحرب.