فشلت قبل أن تبدأ.. العام الرابع للبعثة الأممية في الحديدة يصطدم بجرائم الحوثي
ما إن تصطدم جهود الأطراف الساعية إلى السلام بالواقع المرير الذي خلفته انتهاكات والمخططات الإرهابية لمليشيات الحوثي في الساحل الغربي؛ حتى تصير مكبلة بأغلال الجرائم، ولا تستطيع التقدم نحو إنقاذ الشعب الذي يعاني ويلات الحرب وفقر الحال.
خلال الساعات القليلة الماضية فقط بلغت حصيلة خروقات مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران للهدنة الأممية في محافظة الحديدة 85 انتهاكا، وتنوعت الخروقات في مناطق متفرقة جنوب الحديدة بين هجمات ضد المدنيين وقصف منازل ومزارع.
وتتعنت المليشيات الحوثية في استهتارها بحياة المدنيين الأبرياء في مديريات الحديدة، وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك على عدم حرصها على السلام وتجنيب المواطنين ويلات قصفها.
ورغم التزام القوات المشتركة بالاتفاق المبرم برعاية أممية، واحترامًا منها بالمواثيق الدولية، فإن الحوثيين تسببوا بمقتل وجرح الآلاف؛ لخدم مخطط إيران في المنطقة.
وبينما تحتفل اللجنة الأممية في الحديدة ببداية حقبتها الرابعة لفرض السلام وقطع الطريق أمام الإرهابين، تمطر مليشيات الحوثي المدعومة من إيران المدنيين الآمنين في المحافظة بقذائفها الغاشمة في أيام عيد الأضحى المبارك، تنفيذا لمخطط نهب الثروات وسرقة الأرض على مرأى ومسمع من العالم، وراحت ترتكب الجرائم الإرهابية وتروع المدنيين لإثارة موجات نزوح جديدة من منازلهم، وافتعال أزمات إنسانية كارثية.
تجارب أطراف السلام، والبعثات الأممية السابقة في الحديدة وخروجها كما بدأت بسبب جرائم الحوثي وتنفيذ مخطط الإرهاب والفوضى، فرضت على الجميع حالة عدم التفاؤل من إعلان اعتماد مجلس الأمن تمديد تفويض البعثة الأممية المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) وتمديد ولايتها لمدة رابعة حتى عام حتى 15 يوليو من العام 2022.
ومن المؤكد أن المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن السويدي هانز غروندبرغ، الذي اختاره الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلفا للبريطاني مارتن غريفيث، على خلفية طلب الأخير إنهاء مهمته بعد ثلاث سنوات دون إنهاء الحرب والتسوية السلمية، سيصطدم بالحلقة المفرغة والكارثة الإنسانية التي فرضتها المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.
اعتراف المبعوث السابق الذي كشفه لمجلس الأمن الدولي بأن جهوده لإنهاء الحرب الدامية في هذا البلد قد باءت بالفشل بعد مهمة استمرت ثلاث سنوات، لا يمكن بأي حال فصله عن تعنت المليشيات في القتال وتخريب البلاد ونهب مقدرات الشعب بالحروب التي تسببت في مقتل آلاف الأشخاص في اليمن، وأكثر من ثلثي السكان يواجهون مخاطر متزايدة من الأوبئة والمجاعة يعتمدون على المساعدات الدولية وهي أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.
كشف حساب مارتن غريفيث الذي نشره بعد قرار رحيله، وتداولت نصه وسائل إعلام عالمية، حيث سلط الضوء بشكل أساسي على اتفاق ستوكهولم الموقع بين مليشيات الحوثي والشرعية الإخوانية في ديسمبر من العام 2018 باعتباره أحد النجاحات التي حققها، بينما هذا الاتفاق لم يطبق بالأساس على أرض الواقع.
بعد رحيل غريفيث مهدت البعثة الأممية إلى عدم قدرة الأطراف الدولية على ممارسة ضغوطات قوية على مليشيات الحوثي ومباركة الشرعية على اختيارات وكلاء إيران، عندما ذكرت "ما كان ممكنا لفضّ النزاع قبل سنوات لم يعد ممكنا اليوم، وما هو ممكن اليوم قد لا يبقى متاحا في المستقبل".
الرسالة التي حملتها البعثة الأممية في طياتها أرادت التأكيد على أنه لا أمل في أي حلول سياسية تقودها الأمم المتحدة طالما ليست هناك إرادة دولية لحل الأزمة تُرغم العناصر المدعومة من إيران على وقف إطلاق النار، ومن ثم أي حديث عن التعويل على نجاح مهمة مبعوث أممي جديد هو درب من الخيال طالما استمرت سياسة إيجاد المبررات لوكلاء إيران للتهرب من موقف التصعيد والحرب.
ولم تتوقف المليشيا الحوثية الإرهابية عن خدمة حالة التجاهل الدولي للأزمة اليمنية وغياب الإرادة السياسية للحل الشامل، لدعم خططها الساعية لإفشال السلام، وتقويض عمل الأطراف الدولية ومحاولات إيجاد حلول للأزمة.
وأعاد اختيار مبعوث أممي جديد لليمن إلى الأذهان الانتهاكات المستمرة من قبل وكلاء إيران ضد مساعي الأطراف الدولية في الوصول إلى السلام، أبرزها عندما تورط مسلحون حوثيون في إطلاق الرصاص على موكب رئيس لجنة إعادة الانتشار في مدينة الحديدة نفسه، بعد احتجازه لساعات هو وفريقه الذي كان يستقل سيارات مدرعة تابعة للأمم المتحدة، استهدف بعيارات من أسلحة رشاشة في الطريق أثناء عودته للمدينة، على مرأى ومسمع من الشرعية الإخوانية.
وكشف تقرير للقوات المشتركة عن مقتل وإصابة نحو 50 مدنيا بينهم نساء وأطفال، بنيران مليشيات الحوثي الإرهابية، في أقل من شهرين منذ مطلع العام الجاري 2021 فقط.
واستقبلت المستشفيات والنقاط الطبية في مناطق بالساحل الغربي، منذ بداية شهر يناير نحو 15 امرأة و3 أطفال، بين قتلى وجرحى بنيران أسلحة الحوثيين، ومن بين الضحايا 14 مدنيا من بينهم 6 نساء، قتلن متأثرات بجراحهن، و8 قتلوا بشظايا مقذوفات و5 آخرين جراء انفجار ألغام، وحالة بطلق ناري في إشارة لتأثير "موت محقق" لخروقات الحوثي.
ووصل عدد الجرحى إلى 35 مدنيا بينهم 9 نساء و3 أطفال، ومن إجمالي عدد الجرحى 15 مدنيا أصيبوا بشظايا مقذوفات و7 بأجسام متفجرة و13 بأسلحة مختلفة العيارات، ومعظم الجرحى وصفت حالاتهم بالخطيرة وقد جرى تحويلهم إلى مستشفيات عدن وأطباء بلا حدود في مدينة المخا، بعد أن تم تقديم الإسعافات الأولية لهم في المستشفيات الميدانية، وتصدرت مديريات المخا والتحيتا وحيس والدريهمي والحوك ومدينة الحديدة قائمة أعداد الضحايا المدنيين.
ولم تقتصر الاعتداءات الحوثية على المدنيين والقرى المأهولة في مناطق ومديريات "الحديدة" على الشهرين الأخيرين، ولكنها تمتد إلى تاريخ سريان اتفاق ستوكهولم مباشرةً الموقع مع مليشيات الحوثي في 18 ديسمبر 2018؛ حيث سقط آلاف المدنيين بين قتيل وجريح بنيران مليشيات الحوثي منذ إعلان التهدئة الأممية الهشة، في جرائم ترتقي إلى مستوى جرائم حرب بامتياز.
انتهاكات الحوثي المستمرة دعت قيادة القوات المشتركة، إلى تأكيد أن جميع القوات المرابطة على جبهات الحديدة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام انتهاكات وخروقات المليشيات الحوثية، واعتداءاتها بحق المدنيين الأبرياء.