جئتكم من عدن بنبأ
هاني مسهور
- لحظة لإفاقة العقل اللبناني
- حتى لا تكون بيروت عدن أخرى
- من شيخان الحبشي إلى عيدروس الزبيدي .. الاستقلال يعنى الاستقلال
- تل أبيب بعد أرامكو.. الحوثي على رقعة الشطرنج
هذا الأسبوع شهدت عدن واحدة من أكثر جرائم الإرهاب بشاعة، فلقد وصل التوحش إلى اغتيال صحفية حامل كانت برفقة زوجها وطفلها الصغير، وفقدت جنينها الذي سقط على قارعة الطريق من شدة انفجار العبوة المتفجرة، التي زرعت تحت مقعدها، بينما تناثرت الأشلاء والدماء في شارع «خور مكسر»، حادثة مفزعة ومرعبة لكنها لم تجد سبيلاً في التغطيات الإخبارية العربية والدولية، رغماً عن توالي الهجمات الإرهابية على العاصمة عدن.
يتساءل أهالي عدن خاصة، والجنوب العربي، عن إحجامِ الإعلام عن تغطية الهجمات الإرهابية التي تعصف بهذا الجزء من العالم بعد وقبل التحرير في أكتوبر 2015، تساؤل مشروع للسكان الذين يشعرون أن هناك شيئاً خفياً ومجهولاً لعدم اكتراث الوسائط الخبرية بنقل الفواجع التي لا تكاد تنفك عن مدينة قدرها أن تكون عاصمة مؤقتة لشرعية افتراضية مؤقتة، بينما الثابت أن عدن وأهلها الحقيقة الكاملة في مشهد يمني يراد له أن يكون مشوشاً ومضطرباً بمفاعيل الإعلام المؤدلج.
من محاولة اغتيال رئيس الوزراء خالد بحاح في عملية تفجير فندق القصر (أكتوبر 2015) واغتيال القائد العسكري منير اليافعي ومروراً باغتيال المحافظ السابق جعفر سعد، إلى محاولات اغتيال عيدروس الزبيدي وشلال شايع وعديد الشخصيات البارزة وحتى محاولة اغتيال محافظ عدن أحمد حامد لملس، إلى مئات العمليات الإرهابية التي ضربت المدينة المحررة من كل شيء إلا من المفخخات والعبوات الناسفة.
تلازم العمليات الإرهابية مع التجاهل الإعلامي يثير عند السكان الغضب على عدم اكتراث الإعلام بحالهم البائس، فسياسات التجويع المتعمدة والتهميش المعلنة من قبل شخصيات سياسية كبرى في الحكومة الشرعية اليمنية، ليست شيئاً مخفياً، بل هي جزء معتمد يتم المجاهرة به، لكن هل هذه المنهجية التي تحاول تركيع عدن لأجندة سياسية يعتنقها فصيل اختطف المؤسسة المؤسسة الشرعية، استطاعت عبر نفوذها من إرغام الإعلام والصحافة للعب دور شهود الزور في ما يجري من جرائم إرهابية في عدن ومحافظات جنوب اليمن المحررة؟
من حق عدن أن تسأل بغضب عن أسباب التعامي الإعلامي المتكرر في مقارنة لما يحدث حول العالم من عمليات إرهابية، تفرد لها المنصات الخبرية المساحات الواسعة للبحث في أدق التفاصيل، بينما في عدن كبير الحوادث لا تجد لها مكاناً، ما يضع علامات استفهام مشروعة عن المعايير التي تغض النظر عن دماء وأشلاء متناثرة لا تجد بواكي لها بحكم أن البكاء على ما يجري في عدن سيسهم في التحشيد الدولي لدعم حق شعب الجنوب السياسي المطالب باستعادة بلاده إلى ما قبل 1990.
بعد كل عملية إرهابية في عدن ومحافظات الجنوب لا أحد يهتم بالتفاصيل والمسببات، بل الكل ينشغل في التخمين عن الضحية التالية، ففي هذه البلاد المغلوبة على أمرها لا قصاص من مجرم، بل لا إدانة للمجرم والمحرض على استهداف المدنيين والسياسيين والعسكريين، فكل عدن بالنسبة للإرهابيين مستباحة، ويبقى انتظار الناس للفاجعة التالية والضحية القادمة. النبأ من عدن يقول إن الناس هناك جائعون، فبعد أن حزم «الهلال الأحمر» الإماراتي أمتعته وغادر المدينة، جاعت البطون وتفشى البؤس، وحل بأهل عدن الشقاء. من حق أصحاب تلك المدينة، وتلك البلاد العتب والغضب، وهذا كل النبأ لأهل الأنباء الكرام.