فساد البنك المركزي يفجر قنبلة غضب من الشرعية
فيما يتأزم الوضع المعيشي في الجنوب بشكل كبير، فإنّ فساد الشرعية والمؤسسات الخاضعة لها يتحمَّل مسؤولية مباشرة عن تفاقم هذه الأعباء بشكل حاد.
وأفسحت إدارة البنك الركزي، المجال أمام تفاقم التلاعب والمضاربة بالعملة وهو ما أحدث موجة ضخمة من الأعباء على المواطنين، إلى جانب شبهات قوية بوجود عملية فساد واسعة النطاق تخطّت قيمة معاملاتها تسعة مليارات ريال.
وعملت الشرعية الإخوانية على تحويل الموارد الاقتصادية بعيدًا عن مسارها الطبيعي، مستخدمة في ذلك نفوذها المتصاعد في إدارة البنك المركزي، وهو ما مكّن قياداتها من تكوين ثروات ضخمة، فيما تأزم الوضع المعيشي للسكان.
ويشهد البنك حالة من الاختلالات وهو ما أحدث حالة من العواقب الوخيمة، وقد نفد مخزون البنك من النقد الأجنبي الذي يمكن من خلاله تمويل الواردات ودعم قيمة الريال اليمني، ونتيجة لذلك سجلت قيمة الريال أدنى مستوى لها على الإطلاق مع بداية العام واستمر في التدهور منذ ذلك الحين.
ضعف قيمة العملة أدَّى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتراجع القوة الشرائية للمستهلكين، ما يعني أنَّ القدرة على تحمُّل تكاليف توفير احتياجات الحياة الأساسية تتلاشى أكثر عند ملايين اليمنيين الذين يعتمدون أساسًا على المساعدات من أجل البقاء.
وأشهرت الشرعية سلاح الأخونة في البنك المركزي، حيث اعتمدت إدارته العمل على العبث الإداري في الوظيفة العامة، وتوظيف أقرباء مسئولين في البنك المركزي.
ففي الأشهر الماضية، لوحظ توظيف بعض المقربين من صانعي القرار من إدارة البنك المركزي وكذلك تربع الكثير من الأشخاص على الوظائف دون أن تتوفر فيهم الشروط والقوانين واللوائح.
كما أنَّ تكديس الوظائف بأشخاص مقربين من الدرجة الأولى من إدارة البنك جعل الأخير عاجزًا عن القيام بأبسط وظائفه، وهو ما أدّى إلى تأزيم الوضع المعيشي بفعل الانهيار الإخواني الذي أحدثته السياسات الإخوانية.
فساد البنك المركزي قاد إلى الكثير من الدعوات إلى ضرورة إقالة الإدارة العليا للبنك ومجلس إدارته بالكامل، واتخاذ الإجراءات اللازمة لشغل مناصب هذه القيادات بكفاءات مؤهلة تأهيلًا عاليًّا وغير منتمية سياسيًّا، ولديها سجل واضح في دعم المصلحة العامة.
وفي هذا الإطار، وأوصى تقرير للدائرة الاقتصادية، ناقشه أعضاء أمانة المجلس الانتقالي، بهيكلة البنك المركزي واستعادة إيرادات صادرات النفط، للرقابة على النفقات، ومواجهة الفساد، والإنفاق على الخدمات.
كما يلزم إجراء تدقيق شامل ومستقل لجميع عمليات البنك، والالتزام بإعلان نتائج هذا التدقيق للرأي العام فور الانتهاء منه بشكل كامل، إلى جانب ضرورة إجراء تحقيقات جنائية وملاحقات قضائية ضد أي شخص يشتبه في مخالفته للقوانين العامة، وقانون البنك المركزي على وجه الخصوص.
وضغطًا نحو مواججهة فساد المركزي، انطلقت خلال الساعات الماضية، حملة شعبية للتوعية بفساد إدارة البنك، ودورها في صناعة الأزمة الاقتصادية بالجنوب.
الحملة التي حملت شعار "تحرير البنك المركزي مطلبي"، دعت إلى بلورة رأي عام شعبي بخطر السياسات المالية غير الرشيدة لإدارة البنك المركزي، مع ضرورة تدخل الحكومة لإصلاح السياسات المالية والنقدية بشكل جاد وجذري.
وكشفت الحملة عن تورُّط البنك المركزي في العمل لخدمة الشرعية الإخوانية ومصالح البنوك المتعاونة مع الحوثي، وأشارت إلى تبعات قرارات البنك الموجهة لخدمة فئة بعينها على حساب الاقتصاد الجنوبي، وانصراف إدارة البنك عن مسؤولياتها بإدارة سوق النقد والصرافة والرقابة على البنوك ما أدى لتفاقم أزمة العملة الصعبة والغلاء.
كما ندَّدت الحملة الشعبية بحرص البنك المركزي على المواءمة بين مصالح الشرعية ورموزها، والتغطية على مصارف المنح والهبات الدولية وغيرها من المساعدات، وتورطه في إغراق الجنوب بالريال اليمني وسحب العملات الأجنبية.
يعكس الغضب الشعبي من الممارسات الإخوانية حجم الأضرار التي تكبدها الجنوب من جرّاء هذه الممارسات الإخوانية الخبيثة التي ساهمت بشكل كبير في تأزيم الوضع المعيشي في الجنوب، كجزء من حرب الخدمات التي تشنها الشرعية ضد الجنوب وشعبه.