مخرجات مشاورات الرياض هل ستحل الأزمة اليمنية (3)

هناك مؤشران يقولون أن النخبة السياسية الشمالية في غالبيتها، ما تزال تتعامل مع الجنوب على إنه ذلك الفرع الذي حاول التمرد على الأصل وإن مشاورات الرياض جاءت لتعيده إلى أصله، باعتبار هذه النخب تمثل في الغالب الأعم الطرف المنتصر والجنوب هو الطرف المهزوم منذ 7/7/1994م. وينسى هؤلاء أنهم إذا كانوا قد دخلوا الجنوب في العام 1994م غزاةً فاتحينَ فإنهم يأتون اليوم هاربين بعد الهزيمة النكراء التي تلقوها على أيدي أقلية من الشباب المتهور والمغرور والمتمرس على القتال طوال فترات حروب صعدة المتطاولة، أقول ينسون أنهم اليوم لم يعودوا كما كانوا آنئذٍ وإنما جاءوا يبحثون عن بقعة لعقد اجتماعاتهم وتفعيل هيئاتهم. هذان المؤشرات هما: 1. الضجة التي آثارها نص اليمين الدستوري الذي تلاه الأخ اللواء عيدروس الزبيدي كعضو في مجلس القيادة الرئاسي أمام مجلس النواب، حيث ضجت القاعة بالاعتراض على عدم تعرضه لمفردة "الجمهوري" بعد مفردة "النظام"، وحذفه مفردة "وحدة" قبل مفردة "الوطن"، وجاءت الضجة الإعلامية ومهرجان العويل من القنوات الفضائية التلفييزيونية التي تدعي دفاعها عن الشرعية لتضيف مزيدا من النائحين إلى مهرجان النواح الذي تسبب به يمين اللواء الزبيدي والحقيقة أن الأخ رئيس المجلس الانتقالي قد نجح في اختبار ثقافة وموضوعية وعقلانية وأهلية الطبقة السياسية الشمالية التي تدعي الدفاع عن الوحدة الوطنية وهي من مزقت الوطن إرباً إربا منذ العام 1994م، وتدعي الدفاع عن النظام الجمهوري وهي من سلمت الجمهورية للسلالة الحوثية وهرب أفرادها بجلودهم باحثين عن الأمان خوفاً من الانقلاب والانقلابيين، وواصلوا تسليم المحافظات التي حررها أهلها للجماعة الحوثية في العام 2020م. 2. طلب الاعتذار للجنوب والجنوبيين عن حرب 1994م وعن فتوى إباحة دمائهم وأرواحهم وأملاكهم الصادرة عن عبد الوهاب الديلمي عبر إذاعة صنعاء، وكذا الاعتذار عن عمليات القتل الجماعي لشباب ثورة الحراك السلمي الجنوبي جوال الفترة 2007-2014م على أيدي قوات الأمن الرسمية، هذا الطلب الذي كان كاتب هذه السطور قد اقترحه أمام مجلس النواب والذي قوبل بالاعتراض والاستهزاء والسخرية والتجاهل والاتهام بالمزايدة والابتزاز. ردود افعال الأشقاء في النخبة السياسية الشمالية إزاء هذين المؤشرين بينت أنهم لا يفسرون القضية الجنوبية إلا تفسيراً مخادعاً لا علاقة بالمضمون الحقيقي لهذه القضية وما تعبر عنه بالنسبة للسواد الأعظم من أبناء الجنوب. لقد بينت ردود أفعال الزملاء ممثلي النخبة السياسية الشمالية، ومعهم بعض المتعصبين الحزبيين الجنوبيين (وهم أقلية لا تذكر) بينت أن الزملاء ما يزالون يتعاملون مع الجنوب إلا كمهزوم وهم المنتصرون عليه، وأنهم عادوا إلى الجنوب فاتحين كما دخلوه في العام ١٩٩٤م لا هاربين يبحثون ملاذ يعيدون فيه تفعيل مؤسساتهم المعطلة منذ أحد عشر عاماً. وللحديث بقية