مخرجات مشاورات الرياض هل ستحل الأزمة اليمنية؟؟(5)
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
أشرنا في الحلقة السابقة من هذه السلسلة بأن القوى السياسية ومعها الشعبين في شمال اليمن وجنوبه تقف أمام أجندتين، متباينتين وأن هاتين الأجندتين يمكن أن تغدوا سببا في فهم المشكلة ووضع العلاجات الملائمة لها، كما يمكن أن تصبحا مصدر صراع إن لم يتم وضع خطوط عريضة ترسم خارطة طريق واضحة لتحقيق الغاية الرئيسية لعقد مشاورات الرياض اليمنية وحل قضايا الصراع بين الاجندتين، من خلال الإقرار بأهمية استعادة دولة الجمهورية العربية اليمنية في الشمال، والإقرار بحق الجنوبيين في استعادة دولتهم واختيار مستقبلهم المستقل الجديد.
وبدون استرسال فيما غدا واضحاً لكل ذي عينين، فإن تحرير صنعاء سيظل مستحيلاً كما بدا خلال السنوات الثماني الماضية، طالما بقيت القوى المعنية بهذه المهمة منشغلة بإعادة إنتاج نظام ١٩٩٤م على الارض الجنوبية المحررة بدماء وارواح خيرة ابنائها.
ويعلم الأشقاء في النخبة السياسية الشمالية ومكوناتها العسكرية النظامية وغير النظامية، بأنهم هم المعنيون دون سواهم بإنجاز مهمة استعادة دولة الشمال وعاصمتها صنعاء، وأن الجنوبيين لن يتولوا إنجاز هذه المهمة نيابةً عنهم، وهذا بطبيعة الحال لا يعفي الجنوبيين من دعم ومساندة كل الجهود السلمية والعسكرية في سبيل إنجاز هذه المهمة، بشرط الكف عن ادعاء الوصاية على الجنوب وتضحيات أبنائه وحلم اجياله وتطلعاتهم المستقبلية.
ويبقى السؤال: هل اقتنع الأشقاء قادة النخبة السياسية الشمالية بأن محاولة إعادة إنتاج نظام ١٩٩٤م غدت مهمة مستحيلة، وان إعادة ضخ الدماء في دولة ١٩٩٠ هي أشبه بإعادة بعث الميت من القبر أو من ثلاجة الموتى، وأن الشعب الجنوبي لم يعد يقبل بالتخلي عن حقه في استعادة دولته بحدود ٢١ مايو ١٩٩٠م؟ إذا كان الأشقاء قد استوعبوا هذه الحقائق فعليهم أن يوفروا علينا وعليهم الجهود والطاقات التي بُددت خلال ربع قرن من الزمن في محاولة إجبار الشعب الجنوبي على التخلي عن حقه في استعادة دولته، وحينئذٍ، سيكون من السهل على الطرفين(الجنوب والشمال) الاتفاق على جدولة الأولويات، وإذا كانوا قد استوعبوا هذه الحقائق، لكنهم يسعون إلى وأدها أو الالتفاف عليها فليعلموا أنهم يحرثون في بحر، قد جرب الحرث فيه من كان أقوى، وأذكى وأكثر فطنةً وخبرةً منهم ومع ذلك أخفق في محاولاته، فماذا عساهم أن يفعلوا؟
لا يمكن إنهاء هذه السلسلة من التحليلات لفاعلية منتجات مشاورات الرياض دون التوقف عند موقف الطرف الشمالي الاقوى والأكثر شراسةً والرافض لكل حديث عن العودة لدولة ما قبل سبتمبر ٢٠١٥م بل ودولة ما بعد ١٩٦٢م، أعني هنا الجماعة الحوثية التي هي الحاكم الفعلي لمساحة الجمهورية العربية اليمنية، سواء بالإكراه أو بالتفاف من تعتبرهم هذه الجماعة هم الشعب اليمني مهما كانوا أقلية.
وهذا ما سناوقف عنده في الحلقة القادمة
والله ولي الهداية والتوفيق.