في حضرة مجلس القيادة الرئاسي
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
كانت الدعوة التي وجهها الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي لأعضاء اللجنة البرلمانية لدراسة موازنة الدولة، التي كان كاتب هذه السطور أحد اعضائها فرصة للاستماع إلى ماذا تريد القيادة الجديدة للشرعية، وإلى طريقة تعاطيها مع التحديات التي جاءت لمواجهتها أما الاهتمامات والهواجس السياسية والميول والتوجهات للمشاركين ولرئيس وأعضاء مجلس القيادة فهي معروفة سلفاً وقد تحدثت عن رأيي فيها عدة مرات.
لم أكن اتوقع حضور كل اعضاء المجلس الرئاسي هذا اللقاء لكنني توقعت أن يحضر ممثل واحد على الأقل عن كل جناح سياسي فيه وهو ما لم يحصل.
حمل حضور الرئيس ومعه نائبه اللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عددا من المدلولات والمعاني جرى تصريفها على أوجهٍ متعددة حسب أهواء الصرافين والمصرفين؟ وقد نال الرئيس العليمي سيلاً من الشتائم والمقذوفات الكلامية من قبل المراكز والوسائل الإعلامية الموجهة والممولة من قبل نائب الرئيس سابقاً علي محسن الأحمر؛ وهذا ليس موضوعنا.
بيد إن غياب ممثلي حزب الإصلاح وممثلي الرئيس الأسبق (صالح) عن هذا اللقاء يحمل العديد من علامات الاستفهام لن يفككها ولن يجيب عنها إلا المعنيون انفسهم.
* * *
تركز حديث الرئيس العليمي على الوضع المعيشي والاقتصادي ومشكلة الموارد وتصريفها؟ واتضح ان موارد البلد في وادي، وسلطة الدولة (المفترضة) في وادي آخر وتبين من وثائق وزارة المالية أن محافظات إيرادية كبيرة لا تورد عائداتها المالية إلى خزينة الدولة، ومنها محافظتي المهرة ومأرب، كما اتضح أن عدن وحضرموت هما العماد الرئيسي لموارد الحكومة. الحقيقة ان حديث الرئيس العليمي إلى لجنة الموازنة اثار لدي الشعور بالشفقة على الحالة التي تمر بها البلاد؛ مع إنني شخصيا كنت اتوقع الأسوأ مما سمعته، بعد ما لمست بيدي ورأيت بعيني الحالة التي يعيشها ابناء عدن وكل الجنوب لكنني كنت اتوقع ان اسمع حديثا مبشرا من الرجل الاول في الدولة (المفترضة).
بعد نهاية الكلمة واثناء مصافحة الرئيس العليمي ونائبه الزبيدي لأعضاء اللجنة استمر الأثنان في الحديث إلى المصافحين حول الوضع وتعقيداته وحينما صافحت الرئيس العليمي كان يتحدث عن أهمية دعم الحكومة ومساعدتها من قبل اعضاء البرلمان (ذي العشرين خريفاً)، ولما مددت يدي للتحية استمر بنفس السياق مبتسماً ثم مشيرا : ادعمنا بمقالاتك يا دكتور عيدروس!
في حقيقة الأمر إنني لم أكن أتصور أن د. العليمي قد قرأ موضوعاتي التي كتبتها بعد توليه مهمة الرئيس، لكن من المهم في هذا المقام التأكيد بالنسبة لي على ثلاثة أمور:
أولها إن مطالب الشعب الجنوبي باستعادة دولته هي قضية لا تقبل المساومة أو التأجيل او الخداع والاحتيال أو التاويل، وإنه مهما كانت التحديات التي تنتصب امام الجميع ومهما كانت الدسائس والمكائد التي يزرعها البعض في طريق تحقيق هذه الغاية فإنها لن تثني شعب الجنوب عن التمسك بحقه في استعادة دولته،
الثاني: إن دماء شهداء الثورة السلمية والمقاومة الجنوبية الذين سقطوا منذ با رجاش وبن همان حتى شهداء عتق بشبوة منذ اسبوع هي امر لا يسقط بالتقادم وإن المطالبة بإنصاف هؤلاء الشهداء ورفاقهم من الجرحى والمصابين والمعوقين وضحايا الاعتقال التعسفي والمحاكمات الصورية هذا الأمر لا يقبل المساومة وأن من مصلحة الرئيس العليمي إنصاف هؤلاء الضحايا وتعويضهم وأهاليهم، وفي هذا السياق أدعو أهالي شهداء وجرحى ثورة الحراك السلمي والمقاومة الجنوبية ومعهم جميع الحقوقيين الجنوبيين الى استكمال الملف الذي كان قد بدأه الفقيد الخضر الميسري ورفاقه في منظمة "حق" للحقوق والحريات لتحقيق الحل المنصف والعادل لقضية هؤلاء الابطال.
الأمر الثالث: إن صفقة مشاورات الرياض وما انتجته بما في ذلك تشكيل مجلس القيادة الرئاسي بغض النظر عن رضانا او عدم رضانا عنه تجعلنا جميعا شراكاء في مواجهة المشروع الإيراني وهزيمة حامليه على طريقة استعادة الدولتين الجنوبية والشمالية فهل سيفعل الآخرون ما يحقق هذه الغاية ام إنهم سيحافظون على الجماعة الحوقية للهروب من الاستحقاقات التي تلي إسقاطها.
* * *
سندعم سلطة الشرعية الجديدة بما يحقق العدل والإنصاف وما يرفع المعاناة عن المواطنين الجنوبيين وكل المواطنين الواقعين في مناطق وجودها، لكننا سندعمها ايضا بنقد عيوبها وتبصيرها بما يرتكبه البعض باسمها من جرائم تبلغ مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وأهمها جريمتي التجويع وحرب الخدمات التي يمارسها متنفذو هذه الشرعية ضد ابناء الجنوب، في محافظات وجود ونفوذ هذه الشرعية.