الإمارات .. وبراءتها من كهرباء عدن

من منا لا يتذكر تلك الحملات الظالمة الغاشمة الشعواء ضد دولة الإمارات العربية المتحدة من قبل بعض الكتاب والصحفيين والإعلاميين , وحتى من بعض مسؤولي الحكومة الشرعية بخصوص تقصير الإمارات بدعم قطاع كهرباء عدن , البعض كان يتهكم ساخرا بأن كهرباء أحد أبراج دبي كانت كفيلة بحل معضلة الكهرباء .

تم إيهام الرأي العام المحبط بأن الحل يكمن بمزيد من محطات توليد الكهرباء ووقود الديزل فقط وأن الإمارات لا تريد مساعدتنا للخروج من أزمة الكهرباء , لم يتحدث أحد عن سبب التراجع المستمر للتوليد في محطاتنا القائمة رغم تلك الملايين من الدولارات التي تم رصدها للصيانة ولشراء قطع الغيار والزيوت وغيرها , وكذلك الشراء المستمر للطاقة المشتراة .

السيسي قدم مصلحة شعبه ووطنه على مصالحه الشخصية الضيقة , وكلنا نعلم بأن ممول تشييد محطات توليد الكهرباء في مصر هي دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية , وأن تلك الدول وجدت شريك حقيقي يستشعر معنى المسؤولية وحساسية المرحلة ومتطلباتها , لن تقدم أي دولة ملياراتها كقروض أو منح بدون شروط تحفظ أموالها من عبث العابثين والناهبين .

حتى صندوق النقد والبنك الدوليين لهما شروط تفوق وبكثير شروط الدول الشقيقة , وكثير من شروط البنك الدولي تنهتك وتنتزع السيادة الوطنية , البنك الدولي قد يشترط أن يرفع الدعم عن بعض السلع الأساسية أو زيادة في أسعار المحروقات وغيرها , ولا يهمه أن يموت الشعب جوعا أو يصبح عاطلا عن العمل ومشردا .

شهد شاهد من أهلها , مسؤول شرعي قالها لي مباشرة بأن الإمارات أدركت بأن قطاع الكهرباء في عدن سيستنزفها إلى مالا نهاية فتوقفت عن الإستمرار بسبب لوبي الفساد , أكثر من 500 مليون دولار هي ما قدمته دولة الإمارات لقطاع كهرباء عدن ولا تحسن يذكر .

100 مليون دولار دفعتها بعد الحرب مديونية لشركات الطاقة المشتراة لكي تستأنف عملها وبسرعة , دفعت رواتب للموظفين والعمال وشحنات وقود ديزل مجانية , أشترت محطات 22 مايو مولدات كومنز أمريكية بقدرة 40 ميجا , ومحطة شيهناز مولدات كتر بلر أمريكية بقدرة 40 ميجا, 20 ميجا لمحطتي حجيف 1 و 2 ومنحتها لكهرباء عدن بالمجان , ومع هذا جميع محطات عدن تتراجع نسبة التوليد لديها بصورة مستمرة .

وصلت لميناء الزيت في البريقة سفن تحمل شحنات مواد شبكة ومحولات بأحجام مختلفة ومفاتيح وسلمت لكهرباء عدن , وزيوت وفلاتر وأنابيب لغلايات محطة الحسوة وقطع غيار ووووو , كانت ستستمر الإمارات بدعم قطاع الكهرباء حتى يتعافى كليا , إذا لم يعرقلها ويستهدفها الفاسدون والفاشلون والناهبون للمال العام .

تصريح الرئيس هادي الأخير كان واضح وصريح حول معضلة كهرباء عدن المفتعلة التي تستنزف شهريا من وقود الديزل ما يعادل ال 45 مليون دولار وأكثر من خزينة الدولة , قالها الرئيس بأن كثير من المسؤولين بحكومته مقصرين وفاشلين وفاسدين , ولهذا أمر بتشكيل لجان للتحقيق والنزول الميداني للكشف عن المتسبب الرئيس بإنهيار منظومة كهرباء عدن .

تلك الأبواق النشاز التي كانت تهاجم الإمارات ليل نهار لم نسمعها تتحدث عن أسباب إنهيار وفساد كهرباء عدن لا من قريب ولا من بعيد , لأن الرئيس الشرعي من تحدث عن هذا الفساد والفشل هذه المرة , رغم حجم الأموال العامة التي أهدرت بهذا القطاع الحيوي ولكن لوبي الفساد كان أكبر وأخطر من الشرفاء والوطنيين .

سكت من سكت وصمت من صمت عندما ظهرت براءة الإمارات من ذنب كهرباء عدن , والان الرئيس وحكومته يبررون بأن ما قدموه لقطاع الكهرباء مئات الملايين من الدولارات ولا تحسن بمستوى التوليد .

المعضلة ليس حلها بتوفير وقود الديزل أو تشييد محطات جديدة لتوليد الكهرباء , المعضلة أن قطاع الكهرباء يعتبره البعض أفضل وسيلة وأسهل طريق للنهب وسرقة المال العام ومنح ومساعدات الدول الشقيقة وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة في عدن .

ومع هذا لم تتخلى عنا ولو للحظة دولة الإمارات ولازالت تمد لنا يد العون والمساعدة في شتى المجالات , وبعد الإنتهاء مباشرة من الأعمال الانشائية في موقع المحطة المركزية الإماراتية بالحسوة ستصل محطة ال 100 ميجا إلى عدن , وستليها بإذن الله تعالى 100 ميجا محطة مركزية أخرى , كما ستصل المنحة السعودية من وقود الديزل لمحطات كهرباء عدن , ولكن قبل كل ذلك يجب إعادة هيكلة وتأهيل جميع منتسبي كهرباء عدن والمناطق المحررة حتى لا تتكرر مسرحية أين ذهب توليد محطات عدن .

* كاتب ومحلل سياسي