الدعوة إلى المهنية ليست إرهاباً

لا أدري لماذا يتمترس بعض العاملين في قناة "الغد المشرق" وراء افتعال معركة حمقاء مع انصار النظام الذي كان قائما في جمهورية اليمن الديمقراطية حتى العام ١٩٩٠م، معركة لا معنى لها ولا سبب سوى الاستمتاع بالعبث السياسي والإعلامي بلا منطق ولا دراسة للجدوى كما يقول الاقتصاديون.

نظام ودولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أصبحا من الماضي، وهناك من يخلط بين تلك الدولة وبين الحزب الاشتراكي اليمني، وهذا موضوع آخر.
لكن الإمعان في لعن نظام ودولة اصبحا من الماضي، يشبه سلوك ذلك الأحمق الذي علم بمقتل احد خصومه فاستلّ بندقيته وراح ليطلق عشرات الطلقات على جثة القتيل.

تجربة اليمن الديمقراطية ليست فوق النقد والذين لا يرون فيها إلا عيوبها يتصرفون من منطلق عدائي وليس منطلق الناقد الحصيف والموضوعي وهذا التصرف ينقلهم إلى موقع آخر غير الموقع الذين ينبغي ان يكونوا فيه.

وعندما يدعو البعض إلى النقد الموضوعي والمهني، يقفز أحدهم ويقول :"إنهم يمارسون علينا الإرهاب".

إذا كانت الدعوة إلى الموضوعية والمهنية إرهاباً فماذا تسمون شطب ربع قرن من التاريخ واختزاله في مجموعة من الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها أي نظام في الدنيا؟!!
إن الموقف الأخير هو الأقرب إلى الإرهاب ممن يدعون إلى الموضوعية والمهنية في التعاطي مع أية تجربة تاريخية وممارسة النقد البناء معها.
واخيراً
قناة "الغد المشرق" تتمتع بشعبية متميزة خصوصاً في الساحة الجنوبية بين الرافضين لنتائج حرب ١٩٩٤م والداعين إلى استعادة الدولة الجنوبية، والذين ارتبطت حياتهم بالتعليم والتطبيب المجانيين ودعم المواد الغذائية ونظام الأمن والقضاء والحياة الآمنة المستقرة في ظل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، لكن إذا ما اعتقد بعض العاملين في القناة بأنهم يوسعون شعبيتها من خلال افتعال الخصومة غير المبررة مع محبي النظام الجنوبي السابق وهم بالملايين، أو حتى مع الحزب الاشتراكي اليمني، فإنهم يطلقون نيرانهم الصديقة في الاتجاه الخطأ، وهم بهذا لن يضروا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في شيء ولن يضيفوا أعداءً إلى أعدائها ولن يقولوا فيها أكثر مما قاله أصحاب الفتوى وكل إعلام ١٩٩٤م، بل إنهم إنما يضرون أنفسهم وقناتهم المحترمة لأنهم يستقطبون لأنفسهم خصوماً إضافيين هم في غنى عن مخاصمتهم، وأصحاب القناة لا سواهم الخاسرون حيث لا مبرر للخسارة.
والله من وراء القصد.