رسائل الرئيس الزُبيدي في الجمعية الوطنية.. التزام وطني وتجديد للعهد
بعث الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي، برسائل شديدة الأهمية، وذلك خلال أعمال الدورة السادسة للجمعية الوطنية للمجلس، والتي تعقد حاليا في مدينة المكلا.
كلمة الرئيس الزُبيدي جاءت شافية ووافية، ومثّلت توضيحا وتأكيدا للشعب الجنوبي حول التحديات القائمة في الوقت الحالي، وما تحتمه من ضرورة التكاتف والتلاحم الجنوبي، فضلا عن تجديد التعهد للشعب الجنوبي بأن القيادة الجنوبية مستمرة في العمل على تحقيق تطلعات الشعب وحقه في استعادة دولته.
كما تضمنت كلمة الرئيس أيضا، تجديدا لموقف الجنوب العربي من الجهود المبذولة حاليا للتوصل إلى تسوية شاملة، حيث أبدى الانتقالي انفتاحا على هذه المسارات شريطة أن يتم التعاطي مع حق الجنوب في استعادة دولته.
كلمة الرئيس جاءت شافية ووافية، فمن جانب سلط الرئيس الضوء على القيمة التي تمثلها حضرموت، فهي أرض التاريخ والحضارات العريقة، ومنارة الفكر والتنوير ومنبع الحلم والسماحة، وهي العمق الاستراتيجي للجنوب، جغرافيا وهوية وتاريخ وحضارة، في الماضي والحاضر والمستقبل.
الرئيس الزُبيدي أكّد في كلمته، أهمية الدورة السادسة، حيث عبر عن ثقته في أنَّ هذه الدورة، بمواضيعها المدرجة في جدول أعمالها وتوقيتها ودلالات مكان انعقادها، ستكون دون شك محطةً فارقةً في نتائجها، وامتدادًا للإنجاز التاريخي الذي حققه ممثلو المكونات والقوى والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الجنوبية، في اللقاء التشاوري الذي احتضنته العاصمة عدن مؤخرًا، وتوِّج بتوقيع الميثاق الوطني الجنوبي.
كما أشار الرئيس القائد إلى أن هذه الدورة تكتسب أهمية استثنائية لتزامنها مع الذكرى السادسة لتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي استطاع أن يجعل من هذه المناسبة منطلقًا لطور جديد من التحديث والتطوير استجابةً لمتطلبات الحاضر وضرورة المستقبل، وفي سبيل تجسيد مبدأ الشراكة والكفاءة وضخ دماء جديدة شابة قادرة على العطاء وجديرة بالمسؤولية.
ذكّر الرئيس بالمسؤولية التاريخية والمهمة الوطنية الحالية التي تصيغ ملامح مستقبل دولة الجنوب الفيدرالية المعاصرة، دولة تضمن وتصون حقوق الجميع بمختلف انتماءاتهم السياسية والجغرافية، وتُقيم العدالة، وتحمي الضعيف، وتنصف المظلوم، دولة تحفظ لحضـرموت مكانتها الريادية، ضمن شراكة وطنية جنوبية لا تستثني ولا تقصي أحدًا.
الرئيس عبر عن أمل الجنوبيين أن تكون هذه الدورة محطة تقييم ومراجعة صادقة تحقق تطورًا مواكبًا لأداء الجمعية الوطنية الريادي ودورها كمؤسسة تشـريعية للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يحمل على عاتقه قضية شعب الجنوب والتعبير عن إرادته وتطلعاته وحقه في استعادة وبناء دولته المستقلة، والعيش حرًا أبيًّا على أرضه ودولته من المهرة إلى باب المندب.
أشار الرئيس القائد أيضا، إلى تزامن انعقاد الدورة السادسة للجمعية الوطنية مع تحديات خطيرة، واستحقاقات هامة في مسار نضال الشعب وقضيته الوطنية.
وضع الرئيس روشتة مواجهة، تقوم على التلاحم والتآزر والاصطفاف الوطني، وإعلاء المصلحة الوطنية فوق كل مصلحة واعتبار، والعمل بروح الفريق الواحد، كلٌ من موقعه، لتطبيق وتنفيذ نتائج اللقاء التشاوري، وفي مقدمتها أسس ومبادئ الميثاق الوطني الذي كان ثمرةً من ثمار الحوار الجنوبي المستمر، كمنهج ومبدأ، انطلاقًا من الإيمان المطلق بأن الجنوب لكل أبنائه ولن يُبنى إلا بكل أبنائه.
الرئيس القائد أشار لما أكد عليه الميثاق الوطني الجنوبي بأن دولة الجنوب المنشودة، دولة اتحادية، فيدرالية، مدنية، ديموقراطية، عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة، تقوم وتتأسس على الإرادة الشعبية والمواطنة المتساوية وسيادة القانون وضمان حق الأقاليم في التمتع بصلاحيات كاملة في إدارة شؤونها ومواردها.
الرئيس جدّد التأكيد على أنّ الشعب الجنوبي هو "السيّد"، فقال إن اتخاذ الإرادة الشعبية الحرة الغالبة مرجعية لشـرعية كل سلطة أو قرار مصيري، وحاكمة وحاسمة لكل خلاف على المستويين الوطني والمحلي، وفقاً لما قرره الميثاق الوطني.
وصرح الرئيس: "كلَّ جنوبي سيدٌ في وطنه وعلى أرض إقليمه أو ولايته أو مدينته أو منطقته، وأبناء كل إقليم هم من سيدير شؤون إقليمهم، وأبناء حضـرموت وشبوة والمهرة وسقطرى وأبين وعدن ولحج والضالع، سيرسمون معًا ملامح مستقبل الجنوب بمحض إرادتهم دون وصاية ولا إكراه".
تحدث الرئيس كذلك عن استراتيجية العمل التي يطبقها المجلس الانتقالي التي تقوم على انتهاج الحوار مبدأً ومنهجًا وطريقًا نحو هذا الاصطفاف الوطني الكبير المتحقق حاليا، وذلك لتجسيد شراكة وطنية حقيقية تؤسس لدولة جنوبية حديثة يسودها النظام والقانون والمساواة والعدالة والديمقراطية، دولة تُعلي من إرادة الشعب وتضحياته وتحترم سيادة الدول وحسن الجوار، وشريكٌ فاعلٌ مع المجتمع الدولي في تعزيز الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب في المنطقة والعالم.
حرص الرئيس القائد، على توجيه التحية لكل القوى الوطنية الحيَّة التي لبَّت دعوات الحوار، واجتمعت تحت سقف واحد وعلى هدف واحد، لترسم معالم مستقبل الجنوب ودولته المنشودة.
وأكّد في الوقت نفسه، أن مساعي المجلس الانتقالي في الحوار وجهود تعزيز الاصطفاف الوطني، وحماية مكتسبات شعبه وتمتين ركائز بناء دولة الجنوب لن تتوقف ولن تستثني أحد، للعبور بسلام نحو المستقبل الآمن.
كلمة الرئيس تضمنت تجديد التعهد بالمضي قدما في إنجاز استحقاقات الشعب الجنوبي على صعيد تعزيز تماسك الجبهة الداخلية، وعلى صعيد التحديث والتطوير المؤسسـي للمجلس الانتقالي لتحقيق شراكةً أوسع لكل ألوان الطيف الجنوبي، وإيجاد إطار تنظيمي لمؤسسات وطنية تتسم بالنهج الصحيح والسليم والشفافية وحسن الأداء، وعلى صعيد حمل لواء قضيته الوطنية والتعبير عن مطالبه وحماية مصالحه، وصولًا إلى تحقيق آماله وتطلعاته.
التعاطي مع الجهود الإقليمية والدولية المبذولة حاليا للتوصل لحل سياسي كان حاضرا في كلمة الرئيس، حيث أكّد أن الجنوب يتابع باهتمام بالغ كافة الجهود التي تبذلها هيئات الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة لإنهاء الحرب وتحقيق السلام.
وقال الرئيس القائد، إن الجنوب يولي دعما كاملا لكافة المساعي النبيلة الضامنة لإحلال السلام العادل والمستدام في بلادنا والمنطقة، وأكّد في الوقت نفسه أن الجهود ستظل مجرد محاولات قاصرة، ما لم تضع أولوية لمعالجة القضايا المحورية، وفي طليعة ذلك معالجة قضية شعب الجنوب، بما يجسد جذورها ويلبي تطلعات شعبنا وحقه في استعادة دولته على كامل حدودها المعترف بها دوليًا حتى 21 مايو 1990م.
قال الرئيس أيضا: "نؤكد أن شعبنا هو سيد أرضه ومالك قراره، ولن يسمح أبدًا بتمرير أي تسويات منقوصة لا تلبي تطلعاته ولا تعبِّر عن إرادته، وهذا دورنا الذي لن نتوانى عن القيام به في كل الظروف".
اقتصاديا، بعث الرئيس القائد برسائل للشعب الجنوبي قال فيها إن هناك إدراكا للأوضاع الاقتصادية الصعبة، وهي تمثل تحديًا كبيرًا يجب أن يتم العمل على تجاوزه.
وقال الرئيس إن الاستحقاق السياسي يحتاج إلى تهيئة مؤسسية وسياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية واجتماعية، وهذا ما يتم فعله به اليوم، استنادا إلى إرادة الشعب الجنوبي التي لا تلين، وصموده الأسطوري في ظروف كانت أكثرَ قتامةً مما هي عليه اليوم.