يوم العلم.. كيف دمرت قوى الاحتلال منظومة التعليم الجنوبية؟
يحيي الجنوبيون، اليوم الأحد، ذكرى غالية على قلوبهم وراسخة في وجدانهم، وهي ذكرى يوم العلم، الذي يستعيد معه المواطنون أمجاد الماضي القريب والممتد.
ذكرى يوم العلم الجنوبي تعود إلى العاشر من سبتمبر من عام 1975، حيث أقر ذلك اليوم ليكون عيد العلم الجنوبي، واعتاد الوطن أن يشهد في هذه المناسبة، تكريم أوائل الطلاب في مختلف المراحل التعليمية، والمعلمين البارزين والأسر المثالية.
كرس الجنوب هذه العادة، لتكون بمثابة خطوات تحفيزية لها الكثير من الدلالات التي تؤكد حجم الاهتمام بالعلم والطلاب، ومن ثم شحذ همم نحو مزيد من التفوق.
مسار التعليم في الجنوب شهد نقلة نوعية على مدار التاريخ، ما ساهم في تراجع نسبة الأمية بشكل كبير، وبات الجنوب شاهدا على صروح تعليمية مثقفة.
النهضة التعليمية الجنوبية تخللها تشييد عشرات المؤسسات والمراكز العلمية والبحثية، والمئات من المدارس والمعاهد ودور التعليم، علاوة على تلك الجامعات الشاملة لكافة التخصصات.
أحد الصروح التعليمية التاريخية الجنوبية تتمثل في جامعة عدن التي تأسست في 10 سبتمبر 1975، والتي بعد إعلانها تم قيام المؤتمر التربوي الأول والذي فيه تم تغيير المناهج الدراسية لمختلف مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي لأول مرة إلى مناهج جنوبية راقية.
تأسيس جامعة عدن ومخرجات المؤتمر التربوي الأول شكّل منعطفا مهما وجديدا في العملية التعليمية الشاملة، وتوج هذا العمل الكبير بإعلان التحرر من الأمية عام 1984.
وفي ذلك الوقت، أعلنت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، أن حال التعليم في الجنوب هو الأفضل في الجزيرة العربية.
هذه النهضة التعليمية التي كان يهنأ الجنوبيون، وضعتها قوى الاحتلال على أجندة الاستهداف الغادر من قِبل قوى الاحتلال التي سعت لطمس هذه الهوية، وعملت على تدمير منظومة التعليم بشكل كامل.
استهداف التعليم في الجنوب جرى بشكل كبير وممنهج في مسعى خبيث عبر تدمير المنشآت وفتح المجال أمام انتشار التجهيل، مع حرمان المعلمين من حقوقهم.
فمنذ يوم 22 مايو 1990 يوم إعلان مشروع ما سميت بالوحدة اليمنية، أصبح يعاني العلم والمعرفة والتحصيل المعرفي في الجنوب واقعا سيئا، فجرى إغلاق عشرات المراكز البحثية والدراسة وتم تغيير المناهج التعليمية في المدارس إلى مناهج التطرف، مع إدراج مغالطات تاريخية في مسار الفكر والمعرفة والتاريخ لا سيما بعد العام 1994 الكارثي على شعب الجنوب.
استهداف الجنوب شهد أيضا مصادرة التعليم المجاني العام، مع التضييق على المعلم فكريا ومعيشيا، وحرمان أبناء الجنوب من التعليم العالي في الجامعات الخارجية.
وضع التعليم في الجنوب تغير بعد قيام مشروع الوحدة الفاشل الذي انتهى بحرب غاشمة على الجنوب عام 1994 التي أفضت إلى غزو الجنوب ودمرته، ويقول المجلس الانتقالي إن عملية تجهيل ممنهجة تعرض لها الطلاب والطالبات في عموم مدارس مديريات ومحافظات الجنوب.
كما تعمد نظام صنعاء وحكومات الغزو اليمني للجنوب عام 1994، تهميش قطاع التربية والتعليم في كل محافظات الجنوب متسببة بإنهيار العملية التعليمية، بعد أن كان الجنوب محررا من الأمية منذ عقود.
سياسات تدمير النهضة التعليمية والثقافية ومنصات التعليم والمعرفة من قبل قوى الاحتلال اليمني لا تزال مستمرة في قطاعات الدولة والاقتصاد والتنمية والجيش والأمن والخدمات في الجنوب.
ويتمثل الهدف من هذا المخطط المشبوه، في محاولة قوى الاحتلال النيل من الجنوب ومقدرات شعبه الثقافية والوجودية من خلال طمس هويته التاريخية والوطنية.
ومع خطورة هذا الاستهداف، يؤكد المجلس الانتقالي أن استعادة التعليم والنهضة والتنمية لن تتم إلا بتحقيق هدف شعب الجنوب في استعادة دولته بكل مؤسساتها وسيادتها على كامل تراب الوطن الجنوبي.