تحليل: ما هدف وحدود التصرفات الحوثية في البحر الأحمر؟

السبت 16 ديسمبر 2023 14:32:37
تحليل: ما هدف وحدود التصرفات الحوثية في البحر الأحمر؟

ما هدف وحدود التصرفات الحوثية في البحر الأحمر؟

ثابت صالح*

بدأ الشهر الثالث من الحرب في قطاع غزة في السابع من ديسمبر ، ولا تزال وايران وأذرعها في المنطقة يدعون إنهم يدعمون الفلسطينيين في غزة الذين يعانون أقسى مأساة جراء الضربات الإسرائيلية المكثفة والتي بدأت في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي.

والواقع أكد ويؤكد أن الاشتباكات المحدوده التي جرت بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي على الحدود بين البلدين، وهجمات استهدفت قواعد أميركية في العراق، كانت كلاهما محسومة ومحكومة بدرجة كبيرة جدا، و"منضبطة" كما أشرت في مقالة سابقة.

أما جماعة الحوثي الموالية لإيران، والتي أدعت أنها أطلقت مسيرات وصواريخ نحو الأراضي الإسرائيلية، كانت وما زالت تستهدفت سفنا تجارية أقصى جنوبي البحر الأحمر...بهدف الحاق الضرر باقتصاد مصر وجنوب اليمن وبالدول الأخرى المطلة على البحر الأحمر.

وعموما تختلف الحسابات نسبيا لدى وكلاء إيران في المنطقة.

فعلى سبيل المثال هناك اشتباك مباشر بين حزب الله وإسرائيل على الحدود، ما يجعل هناك مسافة بعينها لا تتجاوزها أسلحة أي من الطرفين لعدم توسيع رقعة الصراع، وهو ما يبدو أن الجانبين ينفذانه بدقة وانضباط.

وفي العراق، الوضع مختلف حيث القوات والمواقع الأميركية التي تستهدفها المجموعات المسلحة الموالية لإيران، تكون في حراسة أمنية عراقية، وبالتالي لا يمكن حدوث اشتباك مباشر بسهولة، ما يجعل الأمر مقتصر على مسيرات أو قذائف، ما يعني أن المعركة تخضع لحسابات أيضًا ناهيك عن إثبات حضور.

أما الجبهة اليمنية فإنها الأبعد، ولا تجد إسرائيل أو الولايات المتحدة صعوبة في رصد وإسقاط الصواريخ أو المسيرات الحوثية، ما جعل الجماعة تستهدف السفن التجارية في ساحل البحر الأحمر الأقرب إلى مدى الرمي الحوثي ، وهو ما أثار المخاوف بشأن تأثر حركة الملاحة في مضيق باب المندب الذي يمثل نقطة مرور لشحنات النفط والغاز إلى أوروبا مرورا بقناة السويس شمالا.

معركة اعلامية حوثية شعبوية:

يكرر الحوثيون تهديدهم للسفن في البحر الأحمر، التي كان آخرها تصريحات وزير الدفاع التابع للجماعة، محمد ناصر العاطفي، الذي قال إن "البحر الأحمر من خليج العقبة وحتى باب المندب، أصبح محرّما على إسرائيل، وسيتم الاستيلاء على أي سفينة تابعة لها، في البحر الأحمر أو إنزال الضربات عليها".

وأعلن الحوثيون في وقت سابق من هذا الشهر أنهم شنوا هجمات جديدة ضد إسرائيل متمثلة في "دفعة من الصواريخ البالستية" استهدفت منطقة إيلات جنوبي إسرائيل".
من جانبه، أشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه اعترض صاروخا فوق البحر الأحمر، مؤكدا أن الهدف لم يدخل الأراضي الإسرائيلية اطلاقا.

وكانت 3 سفن تجارية تعرضت لهجوم في المياه الدولية، وقال الحوثيون إنهم استهدفوا ما قالوا إنهما سفينتان إسرائيليتان، فيما نفت إسرائيل صلتها بهما، وفق وكالة

السعودية التي تعمل بصمت وكذلك الإمارات ومصر طلبت من الولايات المتحدة عدم الرد على تصرفات جماعة الحوثي باليمن على سفن تجارية في البحر الأحمر، وذلك في الوقت الذي تسعى الرياض لاحتواء تداعيات الحرب بين حماس وإسرائيل على المنطقة وعلى الشعب الفلسطيني في المقام الأول.

كما أسقطت المدمرة كارني التي تنتمي للبحرية الأميركية ثلاث طائرات مسيرة بعدما استجابت لنداءات استغاثة من سفن التي قال الجيش الأميركي إنها على صلة بأربع عشرة دولة.

ما يحكم جماعة الحوثي في تحركاتها ضد إسرائيل حسابات إيرانية بالتأكيد، طهران تريد استخدام الحوثيين لكسب عواطف الناس باعتبار أنها ذراع من "محور المقاومة".

استخدمت إيران ذراعها الأبعد عن المنطقة الساخنة، للقيام بأعمال تعلم أنه لن يكون لها أثر كبير أو رد فعل قوي ضدها. أرادت المراوغة وكسب العاطفة الشعبية العربية والإسلامية.

موقف ايراني انفصامي:

حتى إيران التي نفت صلتها بتصرفات الحوثيين في البحر الأحمر ...عادت وادعت أن "هجمات الحوثيين كانت جزءا من محاولة للضغط على واشنطن لدفع إسرائيل إلى وقف هجومها على غزة، وهو هدف مشترك لإيران والسعودية وبلدان أخرى في المنطقة".

ويبدو أن الحوثيين لن يتجاوزوا الخطوط الحمراء، فهم يقومون بعملية شعبوية أكثر من كونها عسكرية، وتدرك أنها لو خاضت مغامرة بطريقة غير مدروسة ستتضرر كثيرًا.

تلك الخطوط الحمراء تتمثل في إغلاق مضيق باب المندب أو تهديد الملاحة بشكل كامل أو مؤثر أو حقيقي.

الحوثيون لا يمكنهم الإقدام على خطوة كهذه حيث سيجلبون عليهم العالم كله.

الخلاصة:

تصريحات وزير الدفاع الايراني الذي اعتبر البحر الأحمر منطقة نفوذ ايراني يناقض ادعاءات الحوثيين بالسيادة الوطنية وفي نفس الوقت كلاهما وتصرفاتهما سيجعلان من منطقة البحر الأحمر ساحة مواجهة بين القوى العظمى التي تحاول تعزيز وجودها ونفوذها العسكري.

* باحث ومحلل سياسي وعسكري