العرب اللندنية: نجاحات الإمارات في أفريقيا ترافق الشيخ محمد بن زايد إلى فرنسا
يقوم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي الثلاثاء، بزيارة إلى العاصمة الفرنسية باريس حيث يناقش مع الرئيس إيمانويل ماكرون التعاون والتنسيق الإماراتي الفرنسي في عدّة مجالات لا سيما قضايا المنطقة والعمل من أجل إحلال السلام والاستقرار فيها.
ونُقل عن الرئاسة الفرنسية قولها إنّ “الزيارة ستكون مناسبة لتعميق الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا والإمارات، وتعزيز التعاون الثنائي في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والتعليمية، كما ستكون مناسبة للتطرق لقضايا المنطقة بهدف العمل سويا من أجل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا”.
ويتضمّن ذِكْر أفريقيا إشارة ضمنية إلى تجربة الإمارات في مساعدة عدد من دول القارة على استعادة استقرارها وإعادة تحريك عجلة التنمية فيها.
وقد توّجت تلك التجربة باختراق كبير نجحت الإمارات، مؤخّرا، بالتعاون مع السعودية، في تحقيقه بملف الخلافات المزمنة بين إثيوبيا وإريتريا.
وتعتبر أجزاء كبيرة من القارة الأفريقية مناطق نفوذ تقليدية لفرنسا، وهي مهتمة بضمان استقرارها حماية لمصالحها هناك في ظل التنافس الدولي الشرس على القارّة الغنية بالموارد الطبيعية.
وقالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية إن ماكرون والشيخ محمّد بن زايد سيزوران معا معهد العالم العربي في باريس لحضور معرض “المدن الألفية”.
وتشهد العلاقات بين فرنسا والإمارات تطوّرا سريعا على أرضية من المصالح الاقتصادية المشتركة وتقارب الرؤى في عدّة قضايا.
ويقول مراقبون إنّ الرؤى الإماراتية بشأن قضايا السلام ومكافحة الإرهاب موضع اهتمام القوى الدولية، ومن ضمنها فرنسا، خصوصا في الفترة الحالية التي تعتبر مرحلة البحث عن مخارج وحلول لعدد من الملفات، مذكّرين بالدور الإماراتي إلى جانب السعودية في إقفال ملف النزاع بين إثيوبيا وإريتريا وبدء عهد جديد من العلاقات بين البلدين.
وتبحث فرنسا في عهد الرئيس ماكرون عن شركاء أكفّاء في الشرق الأوسط والمنطقة العربية يساعدون في حلحلة أزمات المنطقة التي تحرص باريس على ألا يصل تأثيرها إلى القارة العجوز.
وبالنسبة إلى فرنسا فإن “الوصفة الدبلوماسية” الإماراتية السعودية التي أدّت إلى إنهاء صراع دام لسنوات طويلة بين إريتريا وإثيوبيا، مناسب لتبريد صراعات مماثلة في القارّة الأفريقية، حيث تهتم باريس بالاستثمار في عدّة دول هناك والاستفادة من مواردها، كما يهمّها على غرار العديد من الدول الأوروبية غلق بؤر لتصدير المهاجرين غير الشرعيين، عبر المتوسّط مرورا بالأراضي الليبية التي تسود أجزاء منها فوضى عارمة، مهدّدة لمصالح الأوربيين واستقرارهم.
وتقول مصادر سياسية إنّ باريس تعوّل أيضا على دعم إماراتي سعودي، لمجموعة دول الساحل الأفريقي حيث تشارك فرنسا في جهود حماية تلك المنطقة الاستراتيجية من تهديدات الجماعات الإرهابية.
وتقيم الإمارات جهودها لبسط الاستقرار في عدد من الدول الأفريقية على المراوحة بين مساعدتها على فرض سلطة الدولة في مناطقها وإعانتها على تنشيط اقتصادها وتنميتها.
ويشرح المراقبون أنّ فرنسا تجد في دولة الإمارات شريكا اقتصاديا وسياسيا، يعدّ من بين الأنسب في محيطه، لاستناده إلى تجربة اقتصادية بالغة النشاط فضلا عمّا يميّز تلك الدولة من استقرار سياسي وأمني، ومن دبلوماسية نشطة تعمل في ضوء جملة من المبادئ الثابتة جعلت للإمارات صوتا مسموعا في المحافل الدولية، وسهّلت تواصلها مع مختلف دول العالم.
وتخدم زيارة الشيخ محمّد بن زايد الثلاثاء، إلى فرنسا توجّها ثابتا واظبت دولة الإمارات على اتباعه ويقوم على تنويع شراكاتها عبر العالم، لا سيما مع قواه الكبرى ودوله المتقدّمة.
وباتت هذه الدولة الخليجية الصاعدة تجد لها من المؤهلات، بفعل ما حققته من تطور وما راكمته من إنجازات في مختلف المجالات، ما يتيح لها تجاوز الارتهان لعدد محدود من الشركاء وتوسيع دائرة حلفائها الاستراتيجيين عبر العالم، وهو ما كان سعى إليه الشيخ محمد بن زايد من خلال زيارات سابقة إلى دول ذات وزن عالمي على غرار الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا.
وتستثمر دولة الإمارات في تحقيق تلك الشراكات في مختلف المجالات، سمعتها الدولية وثقة الشركاء فيها كبلد مزدهر اقتصاديا ومستقر سياسيا وأمنيا يستند إلى دبلوماسية نشطة ذات صوت مسموع إقليميا ودوليا.
واقتصاديا تعد دولة الإمارات المنفذ التجاري الرئيسي لفرنسا في منطقة الخليج، وتتبوّأ المرتبة الثانية بين دول المنطقة في حجم التبادل التجاري مع فرنسا.
وتمثل الاستثمارات الإماراتية 45 بالمئة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدول الشرق الأوسط في فرنسا، وتوجد حوالي خمسين شركة في فرنسا مملوكة بشكل كلي أو جزئي لرجال أعمال إماراتيين.