مشاورات السلام في السويد.. ضجيج بلا طحين
رأي المشهد العربي
كشفت المشاورات المنعقدة حاليا في السويد بين وفد الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي الانقلابية، برعاية الأمم المتحدة، عن نوايا المشاركين في استمرار الصراع وتعميق جراح اليمنيين، من خلال وضعهم شروط مجحفة تعرقل جهود المبعوث الأممي لدى اليمن مارتن غريفيث.
عراقيل وشروط
وبدأت العراقيل من وفد مليشيا الحوثي في أول يوم مشاورات بعد موافقتهم السفر إلى السويد، وكان من المقرر طبقًا لشروط المفاوضات أن يتكون الوفد من 12 شخصًا إلى أن المليشيا اصطحبت معها أكثر من العدد بكثير، وذلك جعل وفد الحكومة يحتج ويرفض الجلوس على طاولة المناقشات مع مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن مارتن غريفيث.
وكانت أول شروط الحكومة التعجيزية أيضاً، أنه لا يمكن تحقيق السلام دون إلقاء الحوثيين لسلاحهم، وهى تعلم أن المليشيات لن توافق وبالفعل رفضته المليشيا الحوثية.
اتساع هوّة الخلافات
وأظهر الخلاف حول إعادة فتح مطار صنعاء، مدى اتساع هوّة الخلافات بين الوفدين، وعن كثرة المصاعب التي ستشهدها المشاورات وما يُنذر بفشلها دون الوصول لأي حلول لتحقيق تسوية لملف الصراع اليمني وسط علو سقف مطالب كلّ من الوفدين.
ومثّلت إعادة فتح مطار صنعاء أول نقاط الخلافات بين الطرفين، حيث كشفت الحكومة عن تصوّرها لفتح المطار، وهو تحويله إلى مطار داخلي حتى يتسنّى تفتيش جميع الرحلات القادمة إليه والمنطلقة منه، وهو ما رفضه الحوثيون الراغبون في جعل السفر عبر المطار نحو الخارج مباشرة ودون أي رقابة، عدا رقابة سلطاتهم الموازية على محتوى الرحلات.
وقال وفد الحكومة: نحن مع فتح مطار صنعاء وإنهاء معاناة المواطنين كاملة في ما يتعلق بالتنقل لكن مقترحنا بشأن المطار واضح وعملي، وهو أن يتحول إلى مطار داخلي يتم فيه نقل المواطنين من صنعاء إلى عدن ثم يغادرون نحو أي اتجاه دولي.
وفي المقابل نقلت مصادر قريبة من محادثات السويد عن أعضاء في وفد الحوثي رفضهم القطعي لذلك التصور، كذلك قدم وفد الحكومة اليمنية المشارك في مشاورات السويد، رؤيته في القضايا الست التي تبحثها المشاورات غير المباشرة مع الحوثيين، وهي: إطلاق الأسرى، ووقف القتال في مدينة الحديدة، والبنك المركزي، وحصار مدينة تعز، وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين ومطار صنعاء المغلق.
وبشأن الملف الأكثر تعقيداً والمتعلق بالحديدة على الساحل الغربي اليمني، فقدم الوفد الحكومي مقترحاً يقضي بانسحاب الحوثيين من ميناء ومدينة الحديدة وتسليم الميناء إلى وزارة النقل في الحكومة المعترف بها دوليا وتسليم المدينة لقوات وزارة الداخلية بالتعاون مع الأمم المتحدة، كما طالب الوفد بتحويل واردات الميناء إلى البنك المركزي في عدن، إلا إن الحوثيين يتمسكون بالبقاء في الحديدة ويرفضون قطعيا فكرة تسليم مينائها إلى وزارة النقل.
نية مسبقة
كل تلك العراقيل التي تحدث في جولة المشاورات المنعقدة حالياً في السويد، بين الحكومة من جهة، وجماعة الحوثيين من جهة ثانية، تفضي إلى نتائج واضحة وهي لا أحد من الطرفين يريد إنهاء الأزمة في اليمن.
وبالرغم من أن قطاعاً واسعاً من اليمنيين، يتوقون انفراجة سياسية تضع حداً للمعاناة التي جلبها انقلاب الحوثيين على الدولة وسيطرتهم على مؤسساتها بقوة السلاح، إلا أن كثيراً من المراقبين، يعتقدون أن الطريق إلى السلام لا يزال بعيداً.
تعزز هذه القناعة، المعطيات الميدانية، والمؤشرات الواضحة على الأرض، تقول إن طريق الأزمة إلى الحل ليس سالكاً حتى اللحظة، على الأقل، قياساً بالتصعيد الحاد من جانب الحوثيين بالتزامن مع انعقاد مشاورات السويد.
من دون إغفال بديهية أن الحوثي لا يبحث عن حل سياسي ولن يلتزم به أصلاً، بقدر ما يريد فرصة تمنحه الوقت اللازم للتحرك وإعادة التموضع العسكري وترتيب صفوفه، خاصة بعد الإرباك الكبير الذي سيطر على ميليشياته تحت تأثير الضربات القاصمة من جانب التحالف العربي والمقاومة المشتركة القوات الجنوبية.
تصعيد مستمر
وقد حملت التحركات الحوثية، في غضون إطلاق الأمم المتحدة، صافرة البداية للمشاورات اليمنية في ستوكهولم إشارات صريحة إلى عدم وجود رغبة جادة لدى الحوثيين، لجهة المسار السياسي، بقدر ما تبحث الجماعة عن فرصة تتيح لها التقاط الأنفاس وإعادة التموضع المسلح، خاصة بعد الضربات المميتة التي تلقتها أخيراً داخل مدينة الحديدة.
وكثف مسلحو الجماعة، عمليات الخطف بحق المناوئين، في غير منطقة تسيطر عليها، بالتوازي مع رفع وتيرة العمليات العدائية خاصة في مدينة الحديدة.
وفي أول أيام المشاورات، قصف الحوثيون بالمدفعية وقذائف الهاون مركز سيتي ماكس التجاري في مدينة الحديدة، ما أسفر عن تدمير المركز واحتراقه بالكامل، فيما استمروا في تفخيخ المنشآت المدنية والعسكرية، وحفر المزيد من الأنفاق القتالية.
وفي وقت سابق ذكر مسؤول في ميناء الحديدة الاستراتيجي أن الحوثي عزز قواته المتمركزة داخل المنشأة وفي محيطها بقوات جديدة استقدمها من محافظة حجة في وقت تجري فيه الجماعة مشاورات مع الموفد الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث حول دور إشرافي للأمم المتحدة في الميناء.