حزب العدالة في المغرب.. بين بلطجة الإخوان وثورة القضاء (تقرير)

الأحد 16 ديسمبر 2018 19:48:00
حزب العدالة في المغرب.. بين بلطجة الإخوان وثورة القضاء (تقرير)

تشهد الجمهورية المغربية أزمة حادة بين حزب الإخوان "العدالة والتنمية" الحاكم ومؤسسة القضاء، على خلفية قضية مقتل طالب يساري في تسعينيات القرن الماضي، المتورط فيها القيادي الإخواني البارز عبد العالي حامي الدين.


ورفض قضاة المغرب المنضوون تحت لواء عدد من الجمعيات القضائية في المملكة، المساس بكرامتهم، من طرف قياديي حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، و ذلك عقب مهاجمة مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والقيادي البارز بحزب العدالة والتنمية، جهاز القضاء في البلاد وذلك ردًا على متابعة زميله المتهم بالمساهمة في قتل الطالب اليساري.


ووصف ائتلاف الجمعيات القضائية، المتكون من “الودادية الحسنية للقضاة” و”رابطة قضاة المغرب” و”الجمعية المغربية للنساء القاضيات” و”الجمعية المغربية للقضاة”، في ندوة صحافية مساء الجمعة الماضية، بمدينة الدار البيضاء، التصريحات التي أطلقها الوزير “الإخواني”، حول قضية حامي الدين، بأنها “غير محسوبة العواقب، وتسيء إلى سمعة المملكة المغربية أمام المجتمع الدولي”. معتبرين ذلك “خطًا أحمر لا يقبل أي تنازل أو تهاون”.

وأكد القضاة أن استعمال جهات مسؤولة داخل الحكومة لمصطلحات “غير لائقة” تشكل “مسًّا خطيرًا باستقلال السلطة القضائية وتحريضًا غير مسؤول ضد القضاء”، مشيرين إلى أن المرحلة وتحدياتها “تقتضي من كافة السلط المساهمة بشكل إيجابي في تكريس استقلال السلطة القضائية وصيانة حرمتها، خدمة للمشروع المجتمعي المتقدم الذي يقوده العاهل المغربي الملك محمد السادس”.

ويرى مراقبون أن متابعة القيادي “الإخواني” عبد العالي حامي الدين بتهمة القتل ستزيد من متاعب حزب العدالة والتنمية الحاكم، والذي راكم في الفترة الأخيرة فضائح بالجملة ساهمت في تراجع شعبيته بشكل لافت.

واحتج الجسم القضائي المغربي على ما أسماه تدخلا في استقلاليته من طرف وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مصطفى الرميد، حيث هاجم الأخير جهاز القضاء في البلاد ردا على محاكمة زميله من نفس الحزب.

ولوح أعضاء الجمعيات القضائية بالتقدم بشكاية ضد الوزير الرميد؛ وذلك بعد تدارسهم للموضوع مع هياكل المنظمات التي ينتمون إليها.

من جانبه استغل عبدالإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية السابق، و الأمين العام السابق لحزب “العدالة والتنمية، خروجه القوي لتوجيه رسائل قد تثير الجدل فيما بعد وسط صفوف الحزب الحاكم، إذ اتهم بعض قيادات حزبه، بممارسة “البلطجة” للدفاع عن نفسها داخل “العدالة والتنمية”، داعياً إلى ضرورة مواجهة هذه السلوكيات.

وأضاف بنكيران قائلاً: إن “بعض قياديي الحزب بدأوا يمارسون البلطجة، وصاروا يقولون إن الأوضاع بخير، بل يدافعون عن أنفسهم وحصيلتهم”، داعياً قيادة الحزب إلى عدم السكوت.

وأضاف: “هذه التصرفات ستوصل الحزب إلى ما أصبحت عليه بعض الأحزاب المعروفة، التي تعتمد مبدأ البلطجة”.
واعتبر بنكيران، أن هذا التنظيم السياسي “ليس منزَّهًا عن اتباع المصالح، لكن الأساس أن هذا ليس ما جئنا من أجله”. وفق تعبيره.

وقبل أيام، رفضت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية المغربي في اجتماع استثنائي، قرار القضاء القاضي بمتابعة المستشار البرلماني عبدالعالي حامي الدين، بتهمة المساهمة في قتل طالب يساري.

ورفض المحامي حسن العلوي، إعادة فتح ملفات طالها التقادم، وصدرت فيها أحكام باتة غير قابلة للطعن وتلاشت أوراقها في أرشيف المحاكم، ونفى توظيف القضاء في الصراعات السياسية.

وأصدر قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف بمدينة فاس، الأسبوع الماضي، قرارًا بمتابعة حامي الدين، بجناية المساهمة في القتل العمد في مقتل الطالب اليساري آيت الجيد بنعيسى.

وتعود تفاصيل الحادثة إلى عام 1993، إثر الصراعات التي حدثت آنذاك بين الطلاب اليساريين والإسلاميين في الجامعات المغربية، إذ قام طلبة ينتمون إلى التيارين الإسلاميينِ “العدل والإحسان” و”الإصلاح والتوحيد”، الذي تحوّل إلى حركة “التوحيد والإصلاح” الذراع الدعوية لحزب “العدالة والتنمية” حاليًّا، بالاعتداء ضربًا على الطالب محمد بنعيسى آيت الجيد، المنتمي إلى “التيار القاعدي اليساري”، بالقرب من مبنى جامعة “سيدي محمد بن عبد الله” في مدينة فاس، ما أدى إلى قتله.

وقضت محكمة الاستئناف في فاس حينها بالسجن النافذ لمدة سنتين بحق حامي الدين و4 ممن كانوا معه، بتهمة “المساهمة بمشاجرة وقع خلالها قتل خطأ”، لكن ظهور شاهد جديد كان برفقة الضحية قبل مقتله، فتح الملف من جديد.