بحلول السبت العاشر .. هل ينجح النقاش الكبير في نزع السترات الصفراء؟
تدخل احتجاجات "السترات الصفراء" بفرنسا سبتها العاشر، والتي بدأت منذ أكثر من شهرين، وسط مخاوف من حدوث أعمال عنف على الرغم من بدء الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون "النقاش الكبير"، والذي لم يحصد مكاسب تذكر خاصة أن الغضب الشعبي لم يهدأ.
ويردد بضع عشرات من المتظاهرين الذين تجمعوا بالشانزلزيه نقطة التجمع الرئيسية في باريس، شعارات "ماكرون استقِل".
وقال مصدر أمني إنه "من المتوقع حدوث تعبئة تعادل في حجمها على الأقل تعبئة الأسبوع الماضي"، وأضاف المصدر أنه أطلقت دعوات للمتظاهرين باستهداف قوات الأمن، وشهدت التجمعات السابقة بعض الصدامات العنيفة أحيانا، وشوهت مشاهد عنف في باريس طافت العالم، صورة فرنسا كأبرز وجهة سياحية عالمية.
من جانبه توقع الخبير السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أشرف طلبة، في تصريحاته الخاصة لـ"المشهد العربي"، أن تستمر الاحتجاجات في فرنسا بدرجة أو بأخرى، واصفًا الإجراءات التي اتخذها "ماكرون" بأن لها طابع فني، وأن الأزمة التي تمر بها فرنسا أزمة سياسية، إذ لم تعد الديمقراطية الليبرالية في فرنسا قادرة على استيعاب المطالب الجماهيرية في الحفاظ على مستويات حياتها، ووصف "ماكرون" بأنه لم يعد مؤهلًا للترشح مرة أخرى، إلا أنه أضاف أنه بإمكان الرئيس الفرنسي خلق توازن لتحمل أعباء السياسات الإصلاحية، حتى لا يتحملها الفقراء.
وعن العلاقات الفرنسية الأمريكية، توقع "طلبة" أن تبقى أسباب التوتر بين الدولتين، واصفًا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه المصدر الرئيسي للتوتر.
وفيما يخص القرار الأمريكي بالانسحاب من روسيا، نفى "محمد" قدرة فرنسا على تعويض الدور الأمريكي في سوريا، نظرًا لضعف الإمكانيات العسكرية والاقتصادية بالمقارنة مع "واشنطن"، واصفًا الدور الفرنسي في سوريا بأنه "غير حاسم".
وفي 12 يناير/ كانون الثاني تظاهر أكثر من ثمانين ألف شخص على الأقل بحسب أرقام السلطات مقابل خمسين ألفا قبل ذلك بأسبوع، ما خيب آمال السلطات التي راهنت على استمرار انحسار حركة الاحتجاج الذي لوحظ أثناء احتفالات نهاية العام، وشهد شهري نوفمبر/ تشرين الثاني، وديسمبر/ كانون الأول 2018، تجمع بضع مئات آلاف من المحتجين.
وقال لوران نونيز، وزير الدولة للداخلية الفرنسية، إن السلطات أعدت "انتشارا أمنيا شبيها بنهاية الأسبوع السابق"، وكان تم نشر نحو ثمانين ألف شرطي في فرنسا، أي ما يساوي عدد المتظاهرين الأسبوع الماضي، منهم خمسة آلاف في باريس.
ودعا منظمو احتجاجات العاصمة المشاركين إلى جلب "زهرة أو شمعة" تكريما لمن مات أو أصيب من أجل التظاهرات، منذ بداية حركة الاحتجاج في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018.
وجاءت هذه الدعوة الجديدة في نوعها في باريس، بعد أسبوع شهد جدلا كبيرا حول استخدام الشرطة بنادق الكرات الوامضة التي تتفتت عند ارتطامها بالهدف، علما أن فرنسا هي من الدول الأوروبية القليلة جدا التي تستخدم هذا السلاح الذي سبب إصابات خطرة بين المتظاهرين.
ودافع وزير الداخلية كريستوف كاستانير، الجمعة، عن استخدام ذلك السلاح الذي قال: "إنه بدونه لا يعود هناك من خيار لقوات الأمن إلا الالتحام الجسدي مع المحتجين"، واعتبر أنه في تلك الحالة سيكون هناك عدد أكبر بكثير من الجرحى، كما عبر عن دهشته للاتهامات بوقوع عنف من قبل رجال الأمن رغم بعض أشرطة الفيديو التي تظهر استخدام ذلك السلاح بدون وجود تهديد وشيك على مطلقه.
وقالت متظاهرة تُدعى صوفي تيسييه، إن “ماكرون لا يسمع ولا يفهم شيئًا مما يحدث ونحاول أن نجعله يفتح عينيه، هناك معاناة إنسانية حقيقية”.
وسيشكل عدد المتظاهرين السبت مؤشرًا على فاعلية “النقاش الوطني الكبير” الذي أطلقه ماكرون، لتطويق أسوأ أزمة اجتماعية منذ انتخابه في 2017.
وقال مصدر أمني إنه “من المتوقع حدوث تعبئة تعادل في حجمها على الأقل تعبئة الأسبوع الماضي”.
وكتبت صحيفة “لوباريزيان” في عنوانها الرئيسي: “تحدي الحفاظ على النظام” متساءلة عن “كيفية التصرف إزاء المتظاهرين الأشد عنفًا”.
وبالتوازي مع ذلك يواصل الرئيس إيمانويل ماكرون جولته عبر فرنسا لإجراء نقاشات مطولة مع مئات من رؤساء البلديات، وذلك في إطار ما أطلق عليه “النقاش الكبير” الهادف للإنصات لمطالب المحتجين.
واستمر النقاش الجمعة في سوياك (جنوب غرب) أكثر من ست ساعات، كما حدث الثلاثاء في الشمال الشرقي.
وحذر كريستيان فنري رئيس جمعية رؤساء البلديات الريفية في لو (جنوب غرب) في بداية النقاش في مدينة سوياك الصغيرة قائلًا: “أحذركم أيها السيد الرئيس من أنه لا ينبغي أن يتحول هذا النقاش الكبير إلى خدعة كبيرة”.
وعلاوة على الحوار مع المسؤولين المنتخبين، تنظم في إطار هذا “النقاش الوطني الكبير” في أنحاء فرنسا، نقاشات بين مواطنين حول محاور القدرة الشرائية والضرائب والديمقراطية والبيئة.
ووعد الرئيس بمتابعة هذه النقاشات على أمل الاستجابة بذلك لكافة أشكال الغضب، لكن الكثير من محتجي “السترات الصفر” يرون في هذا النقاش الكبير وسيلة لدفن مطالبهم.
ورفض ماكرون مجددًا، على وجه الخصوص، إعادة فرض الضريبة على الأكثر ثراء، وهو من مطالب حركة الاحتجاج.
وأشار استطلاع، نشر الخميس، إلى أن 94% من الفرنسيين سمعوا عن “النقاش الوطني الكبير”، لكن 64% شككوا في جدواه، وأقل من الثلث (29%) قالوا إنهم ينوون المشاركة فيه.