الجرائم الباليستية.. إيران تصنع والحوثي يقصف واليمن ينزف

الثلاثاء 5 مارس 2019 20:46:00
الجرائم الباليستية.. إيران تصنع والحوثي يقصف واليمن ينزف

تخلّت مليشيا الحوثي الانقلابية، عن أي وازعٍ من عرف أو دين أو قانون، عندما قررت معاقبة المدنيين على الخسائر الهائلة التي تتعرض لها، إذ وصلت حد جرائمها إلى قصف المدنيين بصواريخ بالستية.

اليوم الثلاثاء، تم الكشف عن هجوم حوثي استُخدم فيه صاروخ باليستي، واستهدف مديرية كشر بمحافظة حجة شمال غربي البلاد، فيما أوضحت مصادر ميدانية أنّه انفجر في إحدى مناطق حجور، مخلفاً ضحايا من المدنيين بينهم نساء وأطفال.

هجوم الحوثي البالستي ليس الأول من نوعه، فكثيراً ما استخدمت المليشيات هذا الصِنف الفتاك من الأسلحة ضد المدنيين ما يسقط المئات بين قتيل وجريح ومُهجَّر.

تنقسم هذه الجرائم إلى شقين، أحدهما يدفع ويمول ويسلح وهو دور إيران، والآخر هو الذي يضغط على زناد القتل المروع وهي المليشيات الحوثية، ورغم نفي طهران دورها المشؤوم في الأزمة بالبلاد، إلا أنّ كثيراً من الأدلة فضحت تلك الأكاذيب الفارسية وكشفت عن طبيعة دورها في إطالة أمد الحرب.

ففي تقرير سري قُدِّم إلى مجلس الأمن، منتصف العام الماضي، قالت لجنة خبراء أممية إنّ صواريخ بالستية قصيرة المدى وكذلك أسلحة أخرى، قد تم إرسالها من إيران إلى مليشيا الحوثي بعد فرض الحظر على الأسلحة في العام 2015.

وجاء في التقرير الذي ورد في 125 صفحة، أنّ الأسلحة والصواريخ التي استخدمتها المليشيات وتم تحليلها بما في ذلك صواريخ وطائرات بلا طيار، تُظهر خصائص مماثلة لأنظمة أسلحة معروف أنها تُصنع في إيران.

وتمكّن فريق الخبراء، وخلال جولاتٍ له في السعودية، من تفحص حطام عشرة صواريخ وعثر على كتابات تشير إلى أصلها الإيراني، بحسب ما جاء في التقرير الذي غطَّى الفترة الممتدة من يناير إلى يوليو 2018.

وفي العام الماضي أيضاً، تحدثت دول أوروبية بينها فرنسا، عن أنّ إيران تزود المليشيات الحوثية بأسلحة.

وفي ديسمبر الماضي، عقد مجلس الأمن الدولي، اجتماعاً لبحث الملف النووي الإيراني، بالإضافة لأنشطة إيران المزعزعة في اليمن والمنطقة، وخلاله صرّح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأنَّ "إيران انتهكت قرارات مجلس الأمن بإجرائها تجارب صاروخية جديدة، وأنّها تمتلك مئات الصواريخ التي تهدد أمن شركاء واشنطن في المنطقة، لافتاً إلى أنَّ صواريخ إيران التي يستخدمها الحوثيون تهدد دول المنطقة بما في ذلك الصواريخ الباليستية، لافتاً إلى أنَّ واشنطن تمتلك أدلة على قيام إيران بتزويد الحوثيين في اليمن بالصواريخ والأسلحة.

وعقد المتحدث باسم التحالف العربي العقيد تركي المالكي، مؤتمراً صحفياً في فبراير الماضي، كشف خلاله السموم التي تغرزها إيران من خلال دعم الانقلابيين بغية تصعيد الأزمة وإطالة أمدها.

في هذا المؤتمر، عرض المالكي صوراً أظهرت بوضوح أسلحة وذخائر إيرانية، مكتوب عليها باللغة الفارسية، تم ضبطها مع تنظيمات إرهابية في مقدمتها مليشيا الحوثي.

لم يقتصر الدعم عند هذا الحد، بل تمّ ضبط كميات كبيرة من المخدرات التي تموّل العمليات الإرهابية، هذا فضلاً عن أجهزة اتصالات وأيضًا بعض الكتب والنماذج والمطبوعات والبطاقات المزورة، وهي عبارة عن كتب طائفية.

كما نفّذ التحالف عملية عسكرية نوعية مؤخراً، استهدف أحد الأوكار لتخزين الطائرات بدون طيار في صنعاء، وهو موقع اتخذته المليشيات للإعداد لعمليات إرهابية، واللافت وما يؤكد استنزاف هذه المليشيات لحياة المدنيين رُصد أنّ هذا الموقع كان بجوار العديد من المنشآت المدنية، وهو ما راعاه التحالف عندما استهدف هذا الموقع.

ومن بين الأدلة التي فضحت هذا التطور، ما عرضته الولايات المتحدة قبل أشهر من بقايا أسلحة إيرانية زودت طهران المليشيات، لتؤكد بأنها دليل حاسم على أن إيران تنتهك القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، في إطار مشروعها القائم على ضرب استقرار دول المنطقة عبر أذرعها الطائفية.

وشملت تلك الأدلة بقايا متفحمة، وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية أنّها من صواريخ باليستية قصيرة المدى إيرانية الصنع أطلقت من اليمن في الرابع من نوفمبر 2017 على مطار الملك خالد الدولي خارج العاصمة السعودية الرياض، إضافة إلى طائرة بدون طيار وذخيرة مضادة للدبابات.

وآنذاك، عبّرت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي عن ثقتها في أن طهران تتحمل مسؤولية نقل تلك الأسلحة للحوثيين في اليمن، وقالت - في مؤتمر صحفي في قاعدة عسكرية على مشارف واشنطن: "هذه الأسلحة إيرانية الصنع.. وأرسلتها إيران.. ومنحتها إيران".

كما عرضت الوزارة شرحًا مفصلًا بكل الأسباب التي دفعتها للاعتقاد بقدوم الأسلحة من إيران، لافتةً إلى علامات تجارية إيرانية على أجزاء أسلحة والطبيعة المميزة لتصميم الأسلحة الإيرانية، وشمل ذلك تصميمات صواريخ "قيام" البالستية قصيرة المدى، حيث حصلت على أجزاء لصاروخين من هذا الطراز أطلق أحدهما يوم الرابع من نوفمبر على المطار وأطلق الآخر يوم 22 يوليو.

واستشهدت بوجود علامات تجارية قالت إنها مطابقة لعلامات شركات دفاع إيرانية على أجزاء تستخدم في توجيه محركات الصواريخ وعلى لوحة دوائر كهربائية تستخدم في نظام توجيهها.

وفي مسار آخر، تحدّثت مجلة "جاينز" البريطانية عن تقارير أمنية في محافظة مأرب، أشارت إلى ضبط طائرات بدون طيار كانت في طريقها إلى الحوثيين يتم تخزينها بشكل جيد في مواد حساسة إلكترونية وغيرها، وأفادت مصادر عسكرية بأنّ الحوثيين يحصلون على الطائرات كقطع غيار ثمَّ يعاد تركيبها داخل الأراضي اليمنية.

وذكر تقريرٌ صدر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة أنّ الطائرات بدون طيار تمّ تجميعها من مكونات مصدرها خارجي (طهران) وتم شحنها إلى اليمن، وأنّ طراز "قاصف" أو "المهاجم" متطابق تقريبًا في التصميم والأبعاد والقدرات التي تتمتع بها أبابيل-T ، التي تصنعها شركة إيران لصناعة الطائرات.

وفي دليل آخر على التورط الإيراني، كشفت مجموعة "أبحاث التسلح في الصراع"، بعد فحص طائرات بدون طيار استخدمها الحوثيون وحلفاؤهم لتحطيم بطاريات صواريخ باتريوت في المملكة العربية السعودية، أنّ أحد الأرقام ينتمي لطائرة مماثلة تملكها الميليشيات الإيرانية في العراق.

تفضح هذه الجرائم عديد الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات الحوثية الإيرانية وهو ما يستدعي ردعًا عاجلًا من قبل المنظمات الدولية، تجاه ما بات يُوصف بالعبث الانقلابي في البلاد.

ومؤخراً، أكّدت اللجنة الرباعية حول اليمن (التي تضم الإمارات والسعودية وبريطانيا والولايات المتحدة) أنّ التدخلات الإيرانية في اليمن تهديد لأمن المنطقة وتطيل أمد الصراع، وأشارت لما توصَّل إليه خبراء الأمم المتحدة من أنّ إيران قامت بإمداد الحوثيين بأسلحة متطورة في انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن رقم 2216 و2231، حيث أدان الوزراء بشدة الهجوم الذي شنه الحوثيون بطائرة مسيرة على مطار العند في 19 يناير الماضي، وأكدوا أن إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة باتجاه الدول المجاورة إنما يمثل تهديداً لأمن المنطقة ويطيل من أمد الصراع.