صديقي الثائر الذماري المعتق نازحاً في الصومال
ماجد الداعري
- لمن نشكوا من الظلم وتوحش الفاسدين والكل متورط بالفساد؟
- تدوير تجديدي
- القفيش جنوبي منا وفينا
- إلى الشعبي: اني لك لمن الناصحين الصادقين!
وصلتني قبل أيام صورة مؤلمة ومضحكة ومبكية في آن واحد،لصديقي الذماري الثائر المعتق عبده الوصابي من أرض بربرة الصومالية التي لجأ اليها نازحاً وهرباً من نار الحرب ومرارة واقع ما بعد ثورة موؤودة أكلت ثوارها منذ اغتصابها عنوة من قبل عسكر لئام جعلوها مطية لتحقيق مآربهم السياسية الحقيرة على حساب الشعب ومطالبة الشبابية المشروعة.
عبده الوصابي جمعتني به أيام وذكريات لاتنسى كتك الليالي الصنعانية الحالكة البرودة التي وحدتنا في أول خيمة إعلامية نصبت في ساحة التغيير أبان الثورة "المفركحة"، وحنما كنت لا أزال يومها شابا خاليا من هم الأولاد والأسرة واعيش أعلى درجات جنوني الصحفي وتمردي عن واقع لايقبله عاقل أو أي وطني يحب بلده.
كان الوصابي نسخة اصيلة من زملاء يمنيين اعزاء منهم ذماريين من عسكر دولة عفاش جمعتني بهم دراسة الإعلام بجامعة عدن وكان بعضهم يلح علي قبل وبعد التخرج بالالتحاق بدولتهم البوليسية تحت مسمى صحفي بالأمن القومي مقابل رتبة ضابط وامتيازات يقابلها عمالة سرية تتمثل بتقارير رصد سرية لتحركات قيادة الحراك الجنوبي المتصاعد حينها في أوج قوته مطلع 2007م،وكان منهم من يخبرني برسالة "اس أم اس" ان الخبرة في الطريق للبحث عني كي انتبه وتخبأ منهم رغم اعتقادي في بداية الأمر أن تلك الرسائل كانت نوعا من الخداع لتسهيل عملية الإيقاع بي سيما بعد أن رأيت أحدهم من أخبرني برسالة تحذير ضمن أفراد الطقم العسكري الذي خرج يومها للبحث عني في حوش للصديق جياب الصبيحي بخور مكسر الذي كنت اتخذ منه مسكنا أيام دراستي الجامعية ومهربا احيانا مابعدها وحينما رفضت ذلك العرض العسكري المهين واضطر بعدها عسكر مدير أمن عدن الاسبق العميد عبدالله قيران لمطاردتي ليلا ونهارا في أكثر من منطقة بعدن على أمل القبض على وإجباري للعمل الأمني معهم ولو تحت التهديد والوعيد بعد أن أفقدتهم قوة الزخم الثوري للحراك الجنوبي يومها، كل الثقة باجهزتهم الاستخباراتية والبوليسية والأمنية وكان عليهم البحث عن دماء جنوبية علها تفك لهم شفرة ذلك الهيجان الشعبي الجنوبي الرافض للواقع والمطالب علانية ولأول مرة باستعادة استقلال الدولة الجنوبية.
ولعل مايتميز به صديقي الذماري المعتق عبده الوصابي أنه كان منغمسا بقوة في ثورة الشباب ومن اول من خيموا ونفروا إلى ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء،كونه أحد المعطلين عن العمل رغم كل الكفاءات التي يتمتع بها ومن دون أن يتوقع أن نهايته النزوح إلى أرض دولة الصومال الشقيقة التي كان يهرب أهلها يوميا منها إلى اليمن وغيرها بالآلاف،خوفا من جحيم نيران المقاتلين فيها.ودون أن يخلد في ذهنة يوما ان بربرة ستكون نهاية أحلامه الوطنية ومقبرة أمنياته بانبلاج"اليمن الجديد"ومستقرا ختاميا له يقيه وأسرته حر الجوع ونار الحرب ومخاوفها المتسعة في بلده الذي كان يسمى يوما باليمن السعيد.
بدء صديقي الوصابي حياته الصحفية مصمما بفطرته الذمارية الرائعة وتطور إلى أن أصبح مخرجا صحفيا بارعا بالخبرة والممارسة ثم مالبث أن تحول إلى مصمم ومخرج وصحفي ورئيس تحرير في وقت واحد حينما كنت التقيه آخر أيام عملنا معا في صحيفة القضية،ليلة الأربعاء من كل الأسبوع للاطلاع واستكمال ماتبقى من مواد وعناوين اللمسات الأخيرة من كل عدد متمرد كان يفضل أن تكون عناوين صفحته الأولى وبالخط الأحمر بالبنط العريض ومن قلب العاصمة صنعاء: جيش الاحتلال اليمني يرتكب جرائم إبادة جماعية بحق الضالع. وردفان الثورة تحت نيران مدفعية جيش الإحتلال اليمني. وعدن تغرق بين الدماء وفوضى الاحتلال. وغيرها الكثير من العناوين النزقة التي كان يتفنن الوصابي في إخراجها ويصر على التمسك بسخونتها كسمة تضامنية اصيلة لديه مع الجنوب وشعبه الحر الأبي.وفق تعبيره.
اغتيلت الثورة في مهدها ومع اول انفجارات عاصفة الحزم المتعثرة انقض القوم وتفرق جمع الثورة و غادر رفقاء الوصابي نحو الرياض وتركيا والدوحة والقاهرة وبقي هو وحيدا مع قلة ممن لا حاضن لهم بعد الثورة كما قبلها وفي أثنائها ولا معين لهم حتى بكدمة خبز من فرقة الأولى مدرع أو وجبة "أحمرية" جاهزة من مطعم الراقي كما كان حال ثوار الدفع المسبق الهاربين مع الطلقة الأول خارج اليمن تاركين العاصمة صنعاء تغرق في فوضى مليشيات تجسدت دور دولة منهارة فر منها قادتها بليل سرمدي مبرقع.
ضاقت صنعاء الجديدة بصديقي الثائر الوصابي فلم يجد بدا من ضرورة مغادرتها ولكن دون وجهة محددة ولا حتى قيمة تذكرة سفر فكانت الصومال خياره الوحيد وكانت زعيمة الموت فرصته المتاحة للهرب من وطنه إلى حيث يهرب إليه الأشقاء بالصومال. وياللاقدار حينما تجور بتقلباتها على الكرام وتبا في الثورات حينما تلتهم أبطالها الأحرار وتجعل من الخونة الجبناء والانذال محللين وساسة وقادة دولة.
عذرا صديقي الوصابي الرائع على اي تقصير معك وعجز عن مكافأتك على دور صحفي مشرف لايعرف عنه شيء ذلك الجندي الجنوبي وهو يوقفك ويستجوبك بطريقة مستفزة في أول نقطة جنوبية عبرتها في طريق نزوحك القسري نحو آخر ملاذ لانسانيتك الرائعة.
عذرا بحجم الجنوب وتضامنك الشجاع مع أهله وتاييدك الصريح لحقه في انتزاع دولته المستقلة واستعادة وطنه المغدور باسم وحدة دمرت اواشج الإخاء وأواصر الجوار بين البلدين الشقيقين.