خطة الحديدة المعدلة.. مسعى أممي جديد أجهضته المليشيات الحوثية
على الرغم من سيل الاعترافات الأممية التي أدانت مليشيا الحوثي الانقلابية وتورطها في تعقيد المشهد وإجهاض أي تحركات نحو إحلال السلام في البلاد، إلا أنّ الأمم المتحدة لا تزال مستمرة في مسعاها السياسي رغم العبث الحوثي بأي توجّه في هذا الصدد.
ومثّل ملف إعادة الانتشار في الحديدة الجانب الأهم من المحادثات على مدار الأشهر الماضية، وقد أحبطت المليشيات الحوثية تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق الذي تقدم به المبعوث الأممي لليمن مارتن جريفيث، ورئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال مايكل لوليسجارد.
وبينما أبدت الأمم المتحدة تمسّكاً بالمقترحات الأممية الجديدة التي قُدمت لضمان عقد اجتماع إعادة الانتشار في الحديدة، إلا أنّ المليشيات الحوثية أحبطت اجتماع التوقيع على الخطة المعدلة الذي كان مقرراً أمس الأول الاثنين، ورفضت الحضور في اللحظات الأخيرة من بدء موعد عقد اجتماع لجنة إعادة الانتشار، بحسب مصادر مطلعة.
في هذا السياق، نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن الناطق باسم عمليات تحرير الساحل الغربي وضاح الدبيش قوله إنّ المليشيات الحوثية فوجئت للمرة الثانية بموافقة الفريق الحكومي على الخطة المعدلة لتنفيذ المرحلة الأولى من اتفاقية استوكهولم، وهو ما أربكها وأغلق عليها أبواب المكيدة للمراوغة والتنصل والهروب كما اعتادت في كل اتفاق.
وأضاف أنّ عدم حضور الانقلابيين الاجتماع الذي كان مقرراً أمس الأول الاثنين، في مناطق سيطرة الحكومة جاء بحجة وجود خلافات وثارات شخصية قديمة، وهذا يجعل فريق المليشيات في وضع غير مستقر ومقلق، كاشفاً عن رفضهم القاطع دخول مراقبين من الجانب الحكومي، وسماحهم بوجود مراقبين دوليين بشرط ألا يتعدى عددهم خمسة في كل ميناء.
المرحلة الأولى من النسخة الأممية المعدلة بشأن الحديدة تتضمّن نشر مراقبين من الأطراف بما في ذلك الجانب الحكومي للرقابة الدائمة على الموانئ، وانسحاب الحوثيين من ميناءي الصليف ورأس عيسى لقوات خفر السواحل الموجودة هناك، على أن يُسمح لمراقبين حكوميين ودوليين بالتحقق الدائم من موثوقية الإجراءات وهوية الطواقم الأمنية المنتشرة في الميناءين.
وفي ظل هذه المحاولات الأممية، إلا أنّه المقابل تصر المليشيات الحوثية على الجنوح بعيداً عن أي تحركات نحو إحلال السلام في البلاد، وقد تجلّى ذلك في تصريحات لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي اليوم الأربعاء، متوعداً بعام جديد من الحرب، بل وصل به الأمر إلى تهديد السعودية والإمارات بشن هجمات في العمق، في تأكيد على نوايا الانقلابيين نحو إطالة أمد الأزمة، بحسب الصحيفة.
ويمكن القول إنّ الخروقات الحوثية لاتفاق السويد الموقع في ديسمبر 2018، أدخلت البلاد في نفق مظلم، تتبخّر معه فرص التوجّه نحو الحل السياسي، بعدما شكل الإعلان الأممي من العاصمة ستوكهولم، بشأن الاتفاق بارقة أمل لآلاف الأسر اليمنية التي انتظرت طويلا عملية الإفراج عن أكثر من 16 ألف أسير.
كما اعتبر اتفاق الحديدة، الذي نص على وقف إطلاق النار وانسحاب الحوثيين من موانئها، ضمانا لبقاء شريان حياة لملايين اليمنيين، وجاء اتفاق تعز بمثابة إنقاذ بعد التوصل لتفاهمات للتهدئة وفتح للمعابر، إلا أنّ العبث الحوثي في هذا السياق ضاعف معاناة المدنيين.