الدبلوماسية اليمنية والفن المفقود
د. مروان عبدالمولى
- الوطنية : الضجيج والمتاجرة في الجنوب والارباح للشمال
- هات حق القات
- مناوشات الاصلاح والحوثي العسكرية تبحث عن نصر اقتصادي
- الخيانة شيء نسبي!
تقع الدبلوماسية والحرب اليمنية في قلب نظام العلاقات الإقليمية والدولية، إذ قدمت دول الجوار المبادرة الخليجية لوقف أي توجه نحو حرب، وجمعت أطراف الأزمة اليمنية في عدة لقاءات منذ أن كان الرئيس صالح على قيد الحياة وفشلت المبادرة، كما عقد مجلس الأمن عدة جلسات وأصدر عدة قرارات من أجل احتواء الأزمة اليمنية وإيقاف الحرب ولكن دون جدوى، وهناك محاولات عدة لمنظمات دولية في إطار حقوق الإنسان وهي من الجهود الرامية إلى إنقاذ اليمن ووقف الحرب، وهي آلان في مهب الريح، وآخر المساعي الدولية بشأن اليمن وحربها كان اتفاق السويد والذي ملامح انهياره تلوح في الأفق بسب الأجندات المحلية والإقليمية والدولية وتناقضاتها.
هناك صلة واضحة بين النزاع المسلح في اليمن وطابع الوعي العسكري القبلي والمذهبي لأطراف الصراع وبين ضعف الدبلوماسية الوطنية، التي تعتبر آخر هموم الدولة، التي جعلت الدبلوماسيين اليمنيين يعانون من تخبط شديد ومن أعلى الهرم الدبلوماسي اليمني القديم والجديد، والسبب تناقض الأجندات وركود القائمين على الدبلوماسية اليمنية وعدم مواكبتهم للمتغيرات والمواقف الإستراتيجية والديناميكية في الدبلوماسية السياسية والعسكرية الإقليمية والعالمية، لأن غالبية كادر الدبلوماسية اليمنية من خارج الوزارة من حملة التأهيل المناطقي والقبلي ورئاسة الجمهورية، رغم أنها ليست جهة اختصاصية، إلا أنها هي من تقص وتربط سلك الدبلوماسية وتترك التصريحات الدبلوماسية تسبح كيفما تشاء بسبب الجلوس المفرط أمام المكيفات وصحون الكبسات، حيث حذر عبد الملك المخلافي وزير الخارجية السابق من مخاطر الترويج لسلام زائف مع الحوثيين بينما قال خالد الیماني، وزير الخارجية اليمنية الحالي "إن أزمة الیمن تقترب من مراحلھا الأخیرة"، التناقض في تصريحات الوزيرين يدل على أن الدبلوماسية اليمنية خارج الجاهزية وبحاجة إلى إعادة تقييم وتصحيح من جميع النواحي المهنية والأخلاقية والإنسانية، وإلى استئصال السمسرة من الخارجية ورفدها بكفاءات متعلمة ومثقفة، بدلا من بعض المحسوبين على الخارجية كدبلوماسيين وهم في الأساس كوادر بيع وشراء وهو ما يبدو واضحا في الفساد الدبلوماسي المالي للسفارات وبيع الجوازات الدبلوماسية والتلاعب بالمنح الدراسية وتهريب القات والسجائر، جميعها سلوكيات سيئة في الخارج للأسف يمارسها حتى بعض السفراء من المحسوبين على الدبلوماسية ولكنهم لا يتقنون هذا الفن، وهؤلاء كذلك أحيانا وبدافع سياسي رخيص وأجندات أرخص إلى جانب السمسرة يحرضون داخليا وخارجيا ضد الجنوب وشعبه ومكوناته السياسية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة الصفراء، وصلت إلى أن يشارك فيها الوزير خالد اليماني، الذي ترك متابعة شؤون الحرب في اليمن وأم المعارك في الحديدة والمواقف الدولية منها ليساهم في التحريض المبطن دبلوماسيا ضد الجنوب قائلا: "إن في عدن 20 حراكا والانتقالي لا يمثل الجنوب"، كلمات واضحة يراد بها الانتقاص من القضية الجنوبية برمتها، وهناك تصريحات أخرى لشخصيات محسوبة على الخارجية اليمنية وعملها موجه للداخل مثل السفير علي العمراني، الذي يبني آماله وأحلامه على أرض الجنوب ولا يخفي كراهيته للجنوبيين في كتاباته في تناقض سلوكي ونفسي عجيب، حيث قال في تصريح له ضد الجنوبيين "يعمد الانفصاليون إلى استخدام أسلوب الإرهاب والعنف اللفظي ولعل لهم دور في الاغتيالات التي تحدث في عدن ويقصدون إسكات من يتصدى لمشروعهم التخريبي المدمر"، وأضاف أن "من الواجب التصدي بلا هوادة لمشروعهم التخريبي الذي يصب في مصلحة أعداء اليمن"، وهو يدرك أن الغالبية الساحقة من الشعب في الجنوب قد دفنوا الوحدة اليمنية ومع الانفصال.
مع أن الدبلوماسي يجب أن يتمتع بقدرة عالية من ضبط النفس ومرونة العقل وحذر في أفعاله وبياناته، إلا أن غالبية الكادر الدبلوماسي اليمني الحالي إلا من رحم ربي يفتقد هذه الصفات، خاصة في أوساط حملة التأهيل ألمناطقي والقبلي التي تمتلئ بهم الخارجية اليمنية، وهؤلاء زادوا من استفحال فشل الدبلوماسية اليمنية وسقوطها في بحر التبعية السياسية القبلية والمناطقية الداخلية وانبطاحهها أمام أجندات الإقليم، الذي تناقض أجنداته حسابات ومصالح القوى الدولية، ولكنه يخضع لها بشكل أعمى.