يعيشون في مساكن من الصفيح.. الحوثي يقتل فئة المهمشين
تعاني فئة المهمشين في اليمن من البطش الحوثي الجائر، وأصبح الفقر بيئة صالحة لانتهاكات أبناء إيران وتجنيد المواطنين ومن ثم الدفع بهم في معاركهم العبثية.
ويعمل أغلب المهمشين في اليمن بأعمال النظافة أو احتراف التسول أو ممارسة بعض المهن البسيطة، وهو ما أوجد فيهم بيئة مناسبة للمليشيات لاستغلالهم في أعمال التحشيد والزج بهم في الجبهات، حسب ما يقوله سكان صنعاء.
ولا تتجاوز أجور مَن يعمل منهم في النظافة ما يعادل دولارين في اليوم، ومن دون أي ضمانات أو حقوق في الضمان الاجتماعي أسوةً بغيرهم من موظفين ودون وجود ضمانات صحية وتأمينية تجاه الإصابات والأضرار فيما تتفشي الأمية وينعدم الوعي الحقوقي والصحي في أوساطهم.
ويشير المختصون الاجتماعيون إلى أن الجهل والفقر المدقع لهذه الفئة مكّن جماعة الحوثي من التحكم بها واستغلالها لمصلحة أعمالها الطائفية.
شهادات الأهالي
منذ 12 عاماً اعتادت «لولة» برفقة زوجها «شاهر» الخروج في الصباح الباكر ضمن عمال النظافة، وكانت تعمل في جهة من الشارع وزوجها في الجهة المقابلة ينظفان شوارع وأزقة صنعاء ويستمتعان بقربهما معاً في العمل.
اليوم وبعد الانقلاب الحوثي غدت تخرج وحيدة لتنظيف صنعاء فيما زوجها مختفٍ منذ سنتين. تقول لولة لـ«الشرق الأوسط»: «أفتقد زوجي ولا أدري هل لا يزال حياً وهل سيعود أم لا؟».
وتضيف وهي في العقد الثلاثيني من العمر وأم لخمسة أبناء: «وقع زوجي تحت تأثير الدورات التي تقيمها جماعة الحوثي وأغروه بتوفير القات له إذا ذهب معهم إلى الجبهة ووعدوه بأن يظل راتبه مستمراً لأبنائه في غيابه لكنهم سلموني راتب شهرين وبعدها أوقفوه».
«شاهر» كغيره من فئة المهمشين في اليمن، وقع ضحية لسطوة المليشيات الحوثية التي حوّلت المئات إلى وقود إضافي لحرب الجماعة وتعزيز سلطة انقلابها الدامي، وحسب مصادر محلية في صنعاء، قامت المليشيات بتعيين مشرفين من أفرادها في كل «محوى» (المحوى هو تجمع سكاني عشوائي من الصفيح يسكنه المهمشون) فيما يقوم المشرف بتعيين نائب له من سكان المحوى.
يقول مانع: «عيّن الحوثيون في كل (محوى) شخصاً يقوم باستقطاب الشباب والرجال والأطفال إلى دورات يقولون عنها إنها توعوية لكن أغلب من يذهبون لا يرجعون وفي حالة عادوا لا يستمر وجودهم سوى أسابيع ليختفوا مجدداً ملتحقين بالجبهات».
ويضيف مانع: «يعطون كل واحد يذهب معهم 500 ريال يمني (توازي دولاراً) طيلة فترة الدورة الطائفية التي تستمر ما بين أسبوع إلى ثلاثة أسابيع»، وعن الخدع التي تمارسها المليشيات الحوثية لاستقطاب أبناء هذه الفئة يقول بسام خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «يشِيعون في البداية أنهم يصرفون معونات غذائية وأن نجمع الأسماء لهم وأرقام الهواتف ولكن بعد ذلك لا شيء يحدث من ذلك».
ويفصح سالم من جهته عن بعض الممارسات لجماعة الحوثي ويقول: «نواجه الذل والحرمان، ونعاني الفقر وغياب الحقوق وتسلط الجماعة التي قطعت مرتباتنا وتسوّف في صرفها رغم أنها لا تكفي لشيء في ظل الغلاء وإجبارنا على الخروج في المظاهرات والذهاب إلى الجبهات».
ويضيف سالم: تسعى مليشيات الحوثي إلى حجز أجور العاملين بالنظافة من المهمشين وإبقائهم رهن العوز والفاقة كما أنها تكرس إطلاق لفظ (الأخدام) على ذوي البشرة السوداء ونحن منها.
وتقدّر مصادر يمنية أن المليشيات نجحت في تجنيد المئات من المهمشين في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها عبر أساليب متعددة منها الترغيب والاستغلال وأحياناً التهديد.
وحين يلتحق هؤلاء بجبهات القتال الحوثية يجدون أنفسهم في آخر سلم اهتمامات قادة الجماعة، فغالباً ما يتم الزج بهم في المقدمة والتخلي عنهم حين يصابون، حسبما أفاد عدد من الأشخاص الذين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» في صنعاء.
ويبني المهمشون مساكنهم عشوائياً من الصفيح أو الكرتون أو العلب الفارغة، وفي المناطق الحارة تكون من القش أو أعواد الشجر، وغالباً ما يكون المنزل غرفة واحدة يسكنها بضعة أشخاص أو غرفتان تسكن فيهما عائلة كبيرة من الأبناء وزوجاتهم.
وحسب إحصائيات محلية يمنية لهذه الفئة الاجتماعية المهمشة، فإنها تزيد على المليون نسمة ويعيشون في تجمعات سكنية منعزلة داخل وعلى أطراف المدن ولا تكاد تخلو مدينة يمنية منهم، وتعد صنعاء من أكثر المناطق التي يقطنها المهمشون وتتوزع مناطق وجودهم في أحياء عصر والصافية وباب اليمن والتحرير ومنطقة سعوان ودار سلم.