الانسحاب الحوثي من الحديدة.. مسرحية هزلية من إخراج الأمم المتحدة

الأحد 12 مايو 2019 20:32:00
الانسحاب الحوثي من الحديدة.. مسرحية هزلية من إخراج الأمم المتحدة
كشفت المناورات الأممية والحوثية، بشأن الانسحاب من موانئ الحديدة والتي انطوت على شو إعلامي من دون أن يكون هناك تنفيذ واقعي على أرض الواقع، عن وجود أطراف عدة تقوم بأدوار مختلفة في مسرحية تتولى الأمم المتحدة مسألة إخراجها، فهناك طرف حوثي يحاول أن يؤكد للعالم أنه انسحب بالفعل، وعلى الجانب الآخر يوجد انتقادات حكومية علنية من دون أن يقابلها جهود دبلوماسية تضمن التنفيذ على أرض الواقع، في وجود مجتمع دولي يصفق لما يحدث، وكأن الأزمة الأمنية قد انتهت.
ما جرى خلال الأمس، يبرهن على أن أبطال هذه المسرحية لا يريدون نهاية قريبة للأزمة اليمنية وتحديدا الأمم المتحدة التي تشجع المليشيات المدعومة من إيران على الاستمرار في تمردها والتمادي في اتخاذ خطوات خادعة تمكنها من السيطرة أكثر مما تؤدي إلى إنهاء انقلابها على الشرعية.
وأعلنت ميليشيات الحوثي، السبت، إكمال تنفيذ المرحلة الأولى من خطة إعادة الانتشار التي تتضمن انسحابهم من موانئ الحديدة، وذلك بالتزامن مع إعلان الأمم المتحدة بشكل مفاجئ موافقة الحوثيين على الانسحاب بشكل أحادي من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، بدءا من أمس وحتى الثلاثاء 14 مايو.
فيما أعلنت الأمم المتحدة اليوم الأحد، أن الحكومة اليمنية ستنفذ الشق الخاص بها في المرحلة الأولى من خطة الانسحاب في مدينة الحديدة عندما يطلب منها، وأوضحت الأمم المتحدة أن أنشطتها في الأيام التالية ستركز على إزالة المظاهر العسكرية ونزع الألغام.
وأشارت إلى أن أول أيام إعادة انتشار "الحوثيين" في ثلاثة موانئ يمنية سار "وفق الخطط الموضوعة"، وقال الجنرال مايكل لولسغارد، رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار التابعة للأمم المتحدة، "راقبت فرق الأمم المتحدة الموانئ الثلاثة بشكل متزامن مع انسحاب القوات منها وتولي خفر السواحل مسؤولية الأمن" 
وكشفت مصادر مطلعة، أن مليشيات الحوثي التي نفذت إعادة الانتشار أمس السبت، بحضور أممي في موانئ الحديدة عادت مرة إلى مواقعها داخل الموانئ، وأشارت المصادر إلى أن الوضع في موانئ الحديدة لم يتغير وخطة إعادة الانتشار استمرت ساعات فقط ، وأن المئات من عناصر ميليشيات الحوثي يتمركزون الآن في جميع موانئ الحديدة،.
وتعتقد الحكومة اليمنية، أن القرار المفاجئ للحوثيين مسرحية هدفها تخفيف الضغوط قبل جلسة متوقعة لمجلس الأمن بعد أسبوع. فيما يربط مراقبون الخطوة الحوثية بالتصعيد بين الولايات المتحدة وإيران التي قد تكون أمرت أذرعها في المنطقة بالتهدئة وقطع الطريق أمام ضربات أميركية قد تكون مفاجئة وتطال الجميع.
وتقول أوساط يمنية إن المناورة الحوثية كانت متوقعة، خاصة أن الجماعة المرتبطة بإيران كانت تبادر في السابق إلى إطلاق خطوات أو مواقف لجذب الأنظار وإثارة جدل واسع يمتد إلى الدوائر الأممية المعنية بالملف اليمني، وهو ما يمكن الميليشيات من ربح الوقت والبحث عن صيغ جديدة للهروب إلى الأمام ولفت الأنظار إلى قضايا هامشية.
وتوقعت “العرب” في تقرير سابق لها لجوء الحوثيين إلى “تكتيكهم” المعتاد في تقديم تنازلات وهمية قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن المرتقبة في 15 مايو، من دون انعكاس أي من تلك التنازلات على أرض الواقع، حيث تعمد الميليشيات للتسويف وإغراق الاتفاقات الموقعة بالتفاصيل الجزئية بهدف كسب المزيد من الوقت وامتصاص غضب المجتمع الدولي.
ويتهم سياسيون يمنيون المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث باتباع سياسة تهدف إلى إنقاذ الحوثيين قبيل أي توجه دولي موحد لاتخاذ موقف حازم تجاه تعنتهم السياسي ورفضهم تنفيذ اتفاقات ستوكهولم التي مرت خمسة أشهر منذ التوقيع عليها من دون إحراز أي تقدم.
ولوّح آخر اجتماع للرباعية الدولية في لندن باتخاذ موقف دولي موحد إزاء الميليشيات الحوثية خلال جلسة مجلس الأمن الدولي منتصف الشهر الحالي، وهو ما يفسر زيارة المبعوث الأممي المفاجئة وغير المعلنة لصنعاء ولقائه بزعيم الجماعة الحوثية عبدالملك الحوثي.
وسبق للحوثيين الإعلان عن انسحابهم بشكل أحادي من ميناء الحديدة وتسليم الميناء لعناصر أمنية تابعة لهم وهو ما رفضه حينها كبير المراقبين الأمميين في الحديدة الجنرال باتريك كاميرت واعتبره التفافا على اتفاقات السويد، وكان ذلك سببا في إجباره على الاستقالة من مهامه بضغط من غريفيث.
كما أن انسحاب الحوثيين من طرف واحد يتعارض بشكل أساسي مع القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم 2451 والذي ينص على أن تشرف لجنة تنسيق إعادة الانتشار المكونة من الأمم المتحدة والحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية على تنفيذ القرار بما فيه الانسحاب وإعادة الانتشار.
وربط مراقبون بين الخطوة الحوثية وبين التحولات السياسية التي تشهدها المنطقة وفي مقدمتها تصاعد التهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة الأميركية والنظام الإيراني وما ترافق مع ذلك من تحركات عسكرية تنذر بمواجهة محتملة.